أربع لوائح تتنافس في دائرة بيروت الأولى على 8 مقاعد. الاصطفافات تبدو نفسها كما في الدورة الماضية لولا أن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع قرّر هذا العام إسقاط ابن مؤسس حزبه نديم بشير الجميل
فيما لا تزال التحالفات في غالبية الدوائر تنتظر الحسم، اتضح في دائرة بيروت الأولى المشهد الانتخابي الذي يبدو مشابهاً إلى حدّ بعيد لما كان عليه عام 2018: لائحة للتيار الوطني الحر، لائحة للقوات اللبنانية، لائحة مدعومة من رئيس مجلس إدارة سوسييتيه جنرال أنطوان الصحناوي ولائحة لمجموعات المجتمع المدني ومستقلين. اللوائح الأربع تتنافس على 8 مقاعد (ماروني وكاثوليكي وأرثوذكسي وأقليات وأرمني كاثوليكي و3 أرمن أرثوذكس). غير أن المفارقة الأبرز تكمن في انفراط التحالف بين القوات اللبنانية والكتائب، أو بالأحرى النائب نديم الجميل الذي حسم خياره بالتحالف مع الصحناوي. معراب التي لم تستسغ «التمرّد» ردّت بالتحالف مع مرشح مستقل على المقعد الماروني هو الرئيس السابق لنادي الحكمة جورج شهوان. علماً أن القوات والجميل ومرشح صحناوي، النائب جان طالوزيان، ضمتهم لائحة واحدة في الدورة الماضية. تأخذ القوات على الجميّل أنه فضّل الانضواء في لائحة يترأسها طالوزيان على لائحتها، فيما اكتفى الجميل، في اتصال مع «الأخبار»، بالقول إن هناك متسعاً من الوقت في حال أراد مرشح القوات غسان حاصباني الانضمام إلى لائحته!
انفصال القوات و«ابن بشير» ليس تفصيلاً بمعناه السياسي. فتبني رئيس القوات سمير جعجع ترشيح ماروني في وجه نديم، يعني مقارعة نجل مؤسس القوات بشير الجميل في «أشرفيته» وصولاً إلى إسقاطه إذا ما نالت اللائحة حاصلين. فالقاعدة القواتية تعرف شهوان منذ أن رأس النادي الذي يحمل رمزية خاصة للقواتيين، كما أن شقيقه، وهو قواتي ملتزم، مختار في الدائرة نفسها. علماً أن شهوان مستقل ويتمتع بحيثية دفعت مختلف الأحزاب الناشطة في الدائرة إلى التفاوض معه، وبعد درس وضع الأرضية المؤيدة له وتأثير ترشحه على أعماله في الخليج خصوصاً، رأى أن مصلحته في التحالف مع القوات.
مصادر مطلعة أكّدت أن جعجع حاول استمالة الجميل إلى اللائحة مرتين لكن شرط أن ينضم لاحقاً إلى كتلة الجمهورية القوية، فقوبل عرضه برفض من نديم، على خلاف الدورة الماضية حين خالف قرار الكتائب وفرض تحالفه مع القوات.
مرشح معراب الحزبي في الدائرة عن المقعد الأرثوذكسي هو وزير الصحة السابق غسان حاصباني الذي سيحل مكان النائب عماد واكيم. كما رشّحت المحامي نجيب إليان عن المقعد الكاثوليكي بعد فشل المفاوضات مع الوزير السابق ميشال فرعون الذي أعلن عزوفه عن الترشح، خصوصاً أن تجربته في الدورة الماضية مع القوات أثبتت له أن لم يكن سوى رافعة لمرشح معراب عماد واكيم من دون أن ينال أصواتاً قواتية. وعلى اللائحة القواتية أيضاً، إيلي شربشي عن مقعد الأقليات، ونجل رئيس حزب الكتائب السابق كريم بقرادوني، جهاد، عن مقعد الأرمن الأرثوذكس. وفيما بدأت الحملات على بقرادوني لجهة انتماء والده السياسي الأقرب إلى 8 آذار سارع إلى نفض «التهمة» عنه بتأكيد خياره «السيادي».
على المقلب العوني، أعاد التيار الوطني الحر ترشيح النائب نقولا صحناوي عن المقعد الكاثوليكي، ورئيس هيئة قدامى مؤسسي القوات اللبنانية إيلي أسود على المقعد الماروني، فيما يرجح أن يتحالف مع حزب الطاشناق بعد انسحاب فرعون. إذ لم يتبق أي خيار للطاشناق الذي سيعيد ترشيح النائب هاغوب ترزيان عن أحد مقاعد الأرمن الأرثوذكس سوى الانضمام إلى اللائحة. كما سينضم إليها مستقل «مشترك» بين التيار والطاشناق هو الطبيب في مستشفى الروم جورج جوفليكيان (أرمن أرثوذكس)، فيما لم يعلن التيار عن مرشحيه لمقعديّ الأرثوذكس والأقليات بعد.
اللائحة المدعومة من المصرفي صحناوي تضم طالوزيان (أرمن أرثوذكس) والجميل (ماروني) وعضو مجلس بلدية بيروت أنطوان سرياني (أقليات) وليون سمرجيان (أرمن أرثوذكس). وفيما جرى التداول باسم نائب رئيس حزب الوعد طوني نعمة عن المقعد الأرثوذكسي لاستمالة أصوات المرشح الراحل مسعود الأشقر كونه أحد رفاقه، تردّد أن الجميل اشترط إبعاده. علماً أن ثمة معركة بين كل الأحزاب والمجموعات على وراثة «بلوك» الأشقر. غير أن مصادر مطلعة تؤكد صعوبة اجتذاب هذه الأصوات كـ«بلوك» لأن الأشقر لم يكن حزباً منظماً بل مرشح قريب إلى الناس وموجود يومياً بينهم.
اللائحة الرابعة هي لائحة النائبة السابقة بولا يعقوبيان بالتحالف مع مجموعات المجتمع المدني و«مدينتي» بشكل خاص. وهي تضم إلى يعقوبيان عن أحد مقاعد الأرمن الأرثوذكس، طارق عمار عن المقعد الأرثوذكسي، ندى صحناوي عن المقعد الكاثوليكي وليون تلفزيون عن مقعد الأرمن الأرثوذكس. وحتى يوم أمس، كان البحث جارياً في ترشح نقيب المحامين ملحم خلف عن المقعد الأرثوذكسي قبل أن يتم التوافق على ترشحه في دائرة بيروت الثانية. ولا يزال مقعد الأقليات يتأرجح بين سينتيا زرازير المدعومة من العوني السابق زياد عبس، والمرشح المستقل جاك جندو. ويتنافس على المقعد الماروني كل من المهندس البيئي زياد أبي شاكر والرئيسة السابقة للنادي العلماني في الجامعة اليسوعية فيرينا العميل. ويفترض أن تتضح نتيجة المقعدين اليوم. فيما بدأت المناكفات بالظهور بين بعض الناشطين والمجموعات على خلفية اتهام يعقوبيان بقيادة اللائحة وفرض مرشحين عليها، وهو ما استدعى بياناً من تحالف «وطني» للدفاع عن يعقوبيان ضد «حملة من الأكاذيب والأضاليل تجندت فيها بعض الأقلام المأجورة». واتهم «أحزاب المنظومة الذين يستشعرون الخطر على نتائجهم» بتجنيد بعض الأبواق، فيما تؤكد المصادر أن «الراعي الرسمي لهذه الحملة الممنهجة هو مرشح القوات غسان حاصباني الذي يموّل أحد البرامج التلفزيونية لمهاجمة قوى التغيير في الدائرة بهدف تشتيتها».