كتبت لبنى عويضة في “سكوبات عالمية“:
مع إقتراب شهر رمضان المبارك، بدأ اللبنانيون بالتفكير في مصروف هذا الشهر الكريم، فالأسعار لا ترحم والتجار حدّث ولا حرج من جشعٍ أكل الأخضر واليابس. فشهر الصيام يشغل فكر رب الأسرة مما يفاقم همومه التي صارت لا تعد ولا تحصى، فقد اعتاد المواطنون على ازدياد الأسعار مع قدوم شهر رمضان كل عام، إلا أن الواقع هذا العام مغاير لما سبقه، فكيف سيستقبله اللبناني الذي أصبح عاجزاً عن تأمين قوت يومه؟
بالعودة إلى رمضان 2021 فإنه لم يكن سهلاً والعديد من الموائد افتقرت سواء للمازات أو الخضار والحلويات… واعتمدت على التقشف، إلا أن الوضع اليوم يمكن القول أنه كارثياً، فمع اشتداد الحرب الروسية- الأوكرانية اتخذ التجار ذريعة جديدة، وبدأت أسعار مختلف السلع ترتفع بشكل لم يسبق أن شاهدته الأسواق فيما مضى، هذا الحال يقابله تدني بقيمة الرواتب وغلاء المحروقات وارتفاع الايجارات وجنون تسعيرة مولدات الكهرباء… وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على قرب زوال اللبنانيين.
فاليوم يخشى المواطنون إقتراب شهر رمضان، هذا الشهر الذي يتجه به الناس لتحضير الموائد عادة، سيكون الهم الأساسي هذه السنة هو تأمين السلع اليومية، فالأسواق تكاد تخلو من الزيت النباتي تحت حجة الحرب في أوكرانيا، وعدم إمكانية الإستيراد، ناهيك عن السوق السوداء وبدء نضوب مادة السكر والطحين والعديد من السلع الغذائية.
أما في حال كانت السلع متاحة فإن أسعارها تكاد تقصم ظهر المواطن، وكلما استمرت الحرب في أوكرانيا، فالأزمة في لبنان ستمتد وتتأزم أكثر.
إذن إن الأمن الغذائي في لبنان مهدد اليوم، ولعل الخطر حالياً يفوق الأعوام السابقة أو حتى الأشهر الماضية، فيومياً نستيقط على ارتفاع في الأسعار ويكاد الجنون يصيب اللبناني، فلا طبابة متاحة ولا أدويةـ والأساسيات أصبحت كماليات، حتى تأمين الطعام يخضع للأولويات، بالمقابل طمع التجار وحججهم التي لا تنتهي، والسلطة في غيبوبة، صمّاء بكماء، لا يسمع صوتها إلا لتقاذف التهم أو لرفع الشعارات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، والدعوات للنزول إلى الشارع تتصاعد يومياً.
لكن كيف يتمكن شخص بطنه خائرة من الجوع أن ينزل إلى الشارع ويرفع الهتافات ويطالب بالثورة، وهو حتى لا يمكنه تأمين كلفة تنقله؟ وهذا إن دل على شيء فهو دليل صارخ على استراتيجية الدولة في تجويع المواطن وإلهائه بمصائبه وأزماته اليومية، وفتح الطريق للمسؤولين من أجل تعزيز سرقاتهم ونهبهم لبلد لم يعد فيه إلا فقراء يشاهدون الموت بأم أعينهم كل يوم.