لا شكّ أن الأزمة الأوكرانية إنعكست وتداعياتها على الأسواق اللبنانية، لناحية استيراد الزيت والقمح من هناك. فمنذ إندلاع الحرب إرتفعت أسعار الزيوت بشكل ملحوظ في السوبرماركت والمحال التجاريّة، اضافة الى اختفاء سلعٍ بشكل كلّي عن الرفوف، لا سيّما الزيت والطحين، والتبرير كان تهافت المواطنين على التخزين، خوفاً من الإرتفاع الكبير للأسعار من جهة وفقدان المواد من جهة أخرى.
يستورد لبنان من أوكرانيا عدّة مواد، أبرزها القمح بنسبة 511 الف طن سنوياً وبقيمة 119.073 مليون دولار، بحسب الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين، الذي يشير عبر “النشرة” إلى أنّ لبنان أيضاً يستورد الزيوت الخام بقيمة 44.3 مليون دولار سنوياً، ويضيف: “لبنان استورد من أوكرانيا في العام 2020 بقيمة 272 مليون دولار، أما حجم الصادرات إلى البلد نفسه بلغت 950 الف دولار”.
لا مشكلة حقيقية حتى اليوم في الزيت والقمح أو فقدان هذه المواد، ومما لا شك فيه أيضاً أن بعض اللصوص من التجار في لبنان يسعون إلى اقتناص أي فرصة لتحقيق أرباح خياليّة تكون على حساب المواطن كما في كل مرّة يسعون جاهدين للنصب والاحتيال من دون حسيب او رقيب لأنّ لهم من يحميهم من بعض المتسلّطين في السلطة، هكذا حصل منذ بدء ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة، ففي كل مرّة كانت ترتفع الأسعار أضعافاً، لكن عند إنخفاضه لا تعمد السوبرماركت إلى خفض الأسعار بحجة الخوف من عودته إلى الإرتفاع. اليوم المشهد نفسه يتكرر مع الزيت والطحين، الذي دخل بازار السوق السوداء تحت ذريعة “الحرب الاوكرانيّة الروسيّة”.
ولم ينسَ بعد الناس الفضيحة “المدوية” التي كشفت الى العلن أواخر الأسبوع الماضي، عندما داهم وزير الاقتصاد أمين سلام مستودعات سوبرماركت فهد وكارفور، ووجد كميات من الزيت والطحين مخزّنة، وهذا الأمر فعلياً يحصل في مجمل المحلاّت والسوبرماركت التي تنتظر أن ترفع أسعارها وتحقق أرباحاً.
في الوقت نفسه، يؤكد نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي، في حديث لـ”النشرة”، أن “الكمّية الموجودة في لبنان من الزيت والقمح تكفي لأكثر من شهر ونصف”.
ويشدد على أن “الأسعار سترتفع حتماً ولكن حتى الساعة هوامش الارتفاع ليست واضحة لأنّ العالم بأسره لا يعرف من أين سيأتي بالمواد التي تستورد من أوكرانيا كالزيت والقمح، وهذا الامر سيظهر مع نهاية الأسبوع المقبل”، مضيفا: “هناك عرض وطلب في السوق، والواقع يؤكد أن الأسعار سترتفع لأنّ المورّدين في الخارج، كمصر على سبيل المثال، وضعوا زيادات”.
إذاً، في حال استمرت الحرب في أوكرانيا، يجب على الدولة اللبنانية المحترمة من خلال وزرائها المعنيين اللجوء إلى وضع خطّة لشراء القمح والزيت من مورّدين في دول أخرى، وتسعى جاهدة بدل تلهّي هؤلاء المسؤولين بالتصاريح الفارغة، ولكن السؤال الأهمّ هل اختفت هذه المواد فجأة من الأسواق اللبنانية وارتفع سعرها بعد أن بدأت الحرب مباشرة، أم أننا سنراها في دول أخرى على غرار ما حصل سابقًا عندما دُعِم الغذاء والدواء وصُدّرا الى حيث استفاد بعض الأوروبيين والأفارقة من هذا الدعم على حساب اللبناني؟…