مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية، ثمة أحداث أساسية شكّلت مفاتيح للتحليلات والتوقعات المرتبطة بنتائج الانتخابات النيابية. تعليق الرئيس سعد الحريري نشاطه السياسي وانكفاء جزء لا بأس به من القاعدة الشعبية السنية عن التصويت كان أول المؤشرات التي بُنيت عليها تقديرات المرحلة المقبلة، غير أنها لا تبدو كافية لتوقّع النتيجة، خصوصاً أنّ اوساطا سياسية واعلامية متابعة انطلقت بتحليلاتها ربطاً بابتعاد “تيار المستقبل” عن المعركة الانتخابية وبالتالي فوز “حزب الله” وحلفائه بالأكثرية النيابية
.
لكنّ هذا الأمر يحتاج الى عوامل أخرى كي يتبلور، احدها وراثة “الحزب” للحريري وخوض المعركة بشكل جدّي في الشارع السّني من أجل الحصول على أكبر نسبة من الأصوات لصالح فريق الثامن من آذار.
لكن، هل يريد “حزب الله” القيام بهذه الخطوة فعلا؟
بحسب مصادر مطلعة فإن “حزب الله” ليس في وارد الاندفاع نحو البيئة السنية، أو بمعنى أصح فهو لا يرغب باقتحام الساحة السنية بشكل مباشر من خلال الخدمات الاجتماعية لاستقطابها، ما يجعل له موطىء قدم ثابتا في المدن والدوائر السنية، بل سيدعم الى حدّ ما القوى السنية الاساسية التي تنضوي تحت راية “الثامن من آذار
“.
والسؤال هنا، لماذا لن يذهب “الحزب” في هذا الاتجاه؟
اولا، من الواضح أن “حزب الله” يتجنّب استفزاز الرأي العام السّني من خلال الظهور بصورة المستغلّ لغياب أحد زعمائه عن المشهد السياسي كي يحلّ مكانه مستفيداً من حالة التخبّط التي يعاني منها، وبشكل أوضح، فإنه يبدو رافضاً لتكرار تجربة “القوات اللبنانية” التي باتت منبوذة داخل الشارع السني بسبب حراكها الأخير بُعيد انكفاء الحريري والذي ظُهّر وكأنه انقضاض على شعبية الأخير في محاولة لاستمالة أصوات “المستقبل”.
ثانياً، إن “الحزب” يخشى أن يُحسب عليه توغّله في الساحة السنية مشاركة في دفن الحالة الشعبية المستقبلية، إذ على العكس فهو متمسّك بعودة الحريري الى الحياة السياسية في الوقت المناسب على اعتباره أساساً في الساحة السنية، لذلك فهو لن يكون احد الذين يعملون على إضعاف البئية “المستقبلية” اكثر مما هي عليه اليوم، وهو ليس بوارد الدخول في هذه المنافسة.
من جهة اخرى، فإن الحزب لا يطمح الى مغالبة حلفائه السنّة، لذلك فهو يبتعد عن الدخول المباشر على خط المجتمع السني ومنافستهم على قواعدهم الشعبية، ذلك لأنه يدرك بأنه لن يكون قادراً على الاستقطاب من بيئة “المستقبل” أو “الجماعة الاسلامية” انما من البيئة المؤيدة للمقاومة بعلانية ووضوح.
من هنا، يبدو ان “حزب الله” ارتأى أن فوزه بنسبة لا بأس بها من المقاعد التي تحسّن واقع قوى الثامن من آذار في الساحة السنية سيحصل ضمن القواعد والهوامش التي لا تشكّل امتعاضاً او استفزازاً، وستتقدم قوى الثامن من آذار نيابياً في الساحة السنية من دون أن يعني ذلك رغبة الحزب بخوض هذه المعركة “عالمكشوف”!
lebanon24