بات مؤكدًا، أنّه لَن تكون هُناك جهة واحدة تتكفّل بأمور الطائفة السنية خلال فترة الإستحقاق الإنتخابي، هذا طبعًا إنْ حصلت الإنتخابات، فالموضوع لا يتعلق أساساً بجهة واحدة تُدير الطائفة وتقودها نحو الخيارات “الصائبة”، بل بِمدى قدرة الطائفة على تجاوز “الخطر المُحدق” بها على عدة صُعد.
في الأساس، لم يَكن تيار المستقبل والرئيس سعد الحريري الطرف الوحيد على الساحة السنية، حيثُ هناك أطراف أخرى متواجدة وبقوّة، رغم الزعامة التي يتمتع بها الحريري الراحل عن الحياة السياسية، لكن الطائفة السنية مُتنوّعة ولديها مراكز قوة أخرى إضافة إلى المستقبل ورئيسه. لذلك، يُمكن القول بأنّ الوضع سوف يكون “غير مركزي”، بمعنى أن هناك قوى محلية سوف تتدبر أمورها، كل في منطقته وفي إطار نفوذه الشعبي والسياسي.
فيما يتعلّق بدور الرئيس فؤاد السنيورة، تُشير مصادر مقرّبة منه إلى أنّ دوره مُهم جداً لأنه من “عباءة” تيار المستقبل وجمهوره، لا سيّما الجماهير غير “المحزبة” وهي واسعة الإنتشار، وهو يُدرك خطورة المرحلة ويشدد على أن الانتخابات خيار ضروري من أجل عدم ترك الساحة للآخرين أي حزب الله ومن يدور في فلكه.
لكنّ تيار المستقبل يصرُّ على عدم التدخل حزبياً في الإنتخابات ويُذكر بذلك بشكلٍ شبه يومي، لكن هذا يطرح سؤالًا هامًا، هَل سوف يلحق به الرأي العام الذي كان على الدوام مؤيداً للتيار ويلتزم بعدم التدخل وعدم التصويت وعدم المشاركة، بمعنى اخر المقاطعة؟، مع الأسف هذا سؤال لا إجابة له حتى الآن، يقول المصدر.
في الشق الآخر، لا يَنكر أحد الدور الذي يلعبه مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان رغم قوله أن لن يستقبل مرشحين طوال فترة ما قبل 15 أيار، لكن المصدر يؤكّد أن “المفتي لا يستطيع إلّا أن يكون داعماً للمشاركة بالانتخابات النيابية، بإعتبار أنها خطوة ضرورية للطائفة السنية، ومن غير المُمكن أن تتغيَّب أو تُغيِّب نفسها عن هكذا إستحقاق مصيري.
إن غياب تيار المستقبل سيشكل نوعاً من الفراغ، ليس فراغاً كلياً إنما فراغاً يتعلق بنسبة المشاركة الجماهيرية والماكينات الانتخابية الكبرى، وأيضًا على صعيد الكتلة النيابية باعتبارها كتلة سنية متماسكة. لذلك هذا بمثابة تحد كبير، لكن لا شك أن دور السنيورة والمفتي دريان هو دور داع للمشاركة بكثافة لأن المرحلة تستدعي الصمود، وليس التخلي عن السلطة.
يؤكد المصدر نفسه، أنّ “دور السنيورة والمفتي دريان يرتكز بشكل أساسي على إنتخابات بيروت والدائرة الثانية، رغم أنها ستكون لها إمتدادات في المناطق الأخرى، لكن من غير المعروف لغاية اللحظة إذا كان السنيورة سيترشح شخصيًا إلى الانتخابات ويشكل لائحة أو أنه سيدعم شخصيات معينة”.
إذًا، من المتوقع أنْ تكون المشاركة السنية في الإنتخابات النيابية قائمة على أنّ كل منطقة سيكون لها شخصيات مُرشحة فيها وستخوض الانتخابات بلوائح عائدة لها. في عكار مثلاً، هناك لائحة النائب وليد البعريني ومعه النائب هادي حبيش مع إستبعاد النائب عثمان علم الدين، هذه اللائحة تمثل الخط السني القريب من تيار المستقبل أو المؤيد له. أما في طرابلس، لا يوجد حتى اللحظة مرشح قريب من تيار المستقبل بإنتظار المفاوضات الجارية بين النائب سامي فتفت ومحمد كبارة، إضافة إلى إحتمال أن يُشكل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لائحة، لكن حتى هذه اللحظة ميقاتي خارج اللعبة الانتخابية.
وعلى عكس ما يُقال في وسائل الإعلام، سيكون للمجتمع المدني دورًا بارزًا على الساحة السنية في الشمال، دون أنْ ننسى أن حلفاء حزب الله في طرابلس سيحصلون على مقاعد أكثر لأنه من المُمكن حصول جمعية المشاريع الخيرية أي الأحباش على مقعد نيابي، أيضاً هناك شخصية قريبة من الخط السوري مدعومة من النائبين فيصل كرامي وجهاد الصمد ممكن أن تحصل على مقعد ثانٍ، وهذا يكون من حصة السنّة في طرابلس.
ليبانون ديبايت – وليد خوري