ترسم الحرب الروسية الأوكرانية معالم حرب عالمية ثالثة ليس على المستوى العسكري بقدر ما هي على المستوى الإقتصادي، حيث تَتَبلور إجراءات في معظم الدول لإغلاق حدود التصدير لمنتوجات أساسية في الأمن الغذائي مثل الطحين والزيت والسكر والرز.
لبنان بلد الإقتصاد الهش سيكون في عين هذه العاصفة الجديدة والتي بدأت بوادرها ما إن وضعت الحرب أوزارها بين البلدين، والذين يُعتبران المصدر الأساسي لمادة القمح التي يستوردها لبنان بنسبة 60%.
ويعتبر نقيب مستوردي المواد الغذائية في لبنان هاني البحصلي في حديثٍ إلى “ليبانون ديبايت”، أنّ “الأمن الغذائي ليس مهدداً بالمعنى الكبير بل إنه في وضع غير سليم نتيحة الحرب في أوكرانيا”.
ويفنّد البحصلي موضوع الأمن الغذائي إلى 3 عناصر: “وجوده ووصوله وصحته، وفي الوقت الحاض فإن معضلة تواجهنا في موضوع وجوده خصوصاً أننا نستورد المواد الأساسية من الغذاء أي القمح والزيت من أوكرانيا وروسيا وهذه المصادر مقفلة الآن أمامنا وليس على لبنان فحسب بل على العالم حيث 40% من دول العالم تعتمد على القمح الأوكراني. كما أن البلدان الأخرى التي يستورد منها لبنان الزيت والقمح تعتمد بدورها على القمح والزيت الأوكراني، لذلك نعتبر أنّ وجود الغذاء مُهدّد”.
ويضيف، “أما العنصر الثاني أي الوصول إليه فالسؤال هنا عن الشحن في هذا الوقت مع الإرتفاع الكبير في أسعار المحروقات، وهو ما يُهدّد برفع تلقائي لأسعار المواد الغذائية، فالأزمة ليست محلية بل عالمية وأصبحت أولوياتنا تأمين الغذاء بغض النظر عن السعر”.
ويكشف البحصلي هنا أنّ “عدداً من البلدان أوقفت مرحلياً تصدير البضائع مثل الجزائر التي أوقفت تصدير السكر ومصر وتركيا اللتان توقفان تصدير الزيت”، ويقول: “كلامنا ليس من باب التهويل والإحتكار أو الهدف رفع الأسعار لكنه تشخيص للواقع الحالي”.
ويعطي مثلاً حول الأسعار، بأنّه “عندما ترتفع أسعار المحروقات فإنّ الوزارة ترفع سعر صفيح البنزين أو المازوت، كذلك الأمر بالنسبة إلى الطحين والقمح فإنّ الأسعار ترتفع مع إرتفاعها عالمياً وتنخفض مع انخفاضها”.
وحذّر البحصلي بطريقة غير مباشرة، من أنّ “بواخر القمح في البحر لن تنتظر فتح مصرف لبنان للإعتمادات طويلاً، فيمكن للتاجر أن يبيعها بأسعار مضاعفة في ظل الأزمة الحالية”.