الجمعة, نوفمبر 22, 2024
الرئيسيةأخبار لبنان اليوملبنان خارج الرادار الدولي وصندوق النقد يطلب “المصارحة”

اضغط على الصورة لتحميل تطبيقنا للأخبار والوظائف على مدار الساعة 24/24

spot_img

لبنان خارج الرادار الدولي وصندوق النقد يطلب “المصارحة”

انضم الى قناتنا على الواتساب للأخبار والوظائف على مدار الساعة 24/24

spot_img

انضم الى قناتنا على التلغرام

spot_img

انضم الى مجموعتنا على الفيس بوك

spot_img

 

لولا زيارتا بعثة صندوق النقد الدولي ووفد وزارة الخزانة الأميركية، لكان صحّ القول إن عزلة لبنان اكتملت وسط انشغال العالم اليوم بالحرب المستجدة بين روسيا واوكرانيا، بما تحمله من تداعيات سياسية وعسكرية واقتصادية لا تقف أخطارها وشظاياها على حدود الدولتين. فلبنان الخارج منذ فترة عن الرادار الدولي إلا من باب المساعدات لشعبه منعاً لتكريس انهياره، والغارق في مستنقع الحسابات الخاصة بالقيّمين على سيادته وأمنه واستقراره، لا يزال يدور في المربع الاول لأزماته، بحيث يمر الوقت ضاغطاً ومثقلاً بتفاقم تلك الأزمات وارتداداتها الكارثية على مختلف المستويات، من دون أي آفاق مستقبلية واضحة حيال أي رؤية حكومية للخروج نحو التعافي.

ظل المخاوف التي تهدد الأمن الغذائي بسبب الاحتمالات الكبيرة القائمة حيال تناقص مخزون القمح من جهة، حيث يستورد لبنان ما نسبته 60 في المئة من حاجته للقمح من أوكرانيا والباقي من روسيا ورومانيا، وحيال ارتفاع أسعار المحروقات في ظل ارتفاع النفط عالمياً بفعل الحرب من جهة اخرى، وقد وصل سعر البرميل أمس الى 116 دولارا.

لا يخفي ديبلوماسيون في هذا المجال قلقهم من الاخطار التي تتهدد لبنان في ظل الانشغال الدولي بالحرب الروسية، ما سيؤدي الى تراجع الاهتمام – على ضآلته – بالملف اللبناني، وسط استمرار تخبط السلطة المحلية بأزماتها وعجزها عن إدارتها على نحو يضمن سلامة البلد وشعبه.

واذا كانت زيارة وفد وزارة الخزانة الأميركية برئاسة النائب الاول المساعد للوزير والمسؤول عن مكافحة تمويل الارهاب والجرائم المالية بول أهرين، صبّت في إطار الزيارات الدورية لمسؤولي الخزانة الى لبنان، وأهرين حل محل مارشال بلينسكي، الرامية الى متابعة جهود تجفيف منابع تمويل الارهاب والتزام لبنان القوانين المرعية، بحيث لا يحصل أي تراخٍ من الجانب اللبناني في هذا المجال، فإن الأنظار في المقابل ظلت مشدودة نحو الرسائل التي حملتها بعثة صندوق النقد الدولي برئاسة رئيس البعثة إرنستو راميريز والتي أطلقها الاخير بعد مشاوراته مع المسؤولين اللبنانيين.

تنطوي هذه الزيارة على دلالات مهمة حرص فيها رئيس البعثة على توجيه الكلام بالمباشر، قاطعاً الطريق على أي تأويلات او اجتهادات يمكن ان تخرج عن الجانب اللبناني الرسمي، تماماً كما حصل بعد البيان الذي اصدرته البعثة في ختام الجولة الاولى من مشاوراتها التمهيدية، اذ وُضعت اللغة الديبلوماسية التي اعتمدها الصندوق في بيانه في سياق إيجابي، في حين حمل البيان ملاحظات عدة حيال تباطؤ السلطات في السير بالخطوات الإصلاحية المطلوبة.

حضرت بعثة الصندوق الى بيروت من اجل أن يتم التواصل مع السلطات اللبنانية من خارج العالم الافتراضي الذي فرض نفسه على الجولة الاولى من المشاورات التمهيدية بسبب المتحور الاخير من جائحة كورونا. وهي ستكون بمثابة اختتام لتلك الجولة وتمهيد لإطلاق الجولة الثانية المرتقبة منتصف هذا الشهر. كما أنها جاءت في توقيت جيد للبنان في ظل المخاوف المحلية القائمة على الربط بين أزمتي لبنان واوكرانيا واحتمال ان يفقد لبنان اي زخم دولي لمساعدته مع تقدم اولوية أوكرانيا ومساعدة شعبها واقتصادها.

مصادر قريبة من الصندوق لم ترَ موجباً للربط بين الازمتين، على قاعدة ان ازمة لبنان بنيوية ومزمنة ومزرية ومستمرة، في حين ان ازمة أوكرانيا مستجدة وهي تستدعي المساعدة الفورية والطارئة. وتكشف المصادر ان الأزمة في لبنان لا تتطور، وليس هناك من مفاجآت ترفع مستوى الاهتمام. ولا تخفي ان الاهتمام الدولي تراجع بالفعل، ولكن ليس بسبب ازمة أوكرانيا بل قبل ذلك، وبسبب عدم استجابة لبنان لأيّ من الالتزامات الإصلاحية المطلوبة منه والتي ترسل إشارات إيجابية وجدية الى المجتمع الدولي.

في هذا السياق، يبدو جلياً ان الاهتمام الدولي يقتصر على الجانب الفرنسي ولاعتبارات خاصة بباريس وبالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تحديداً على أبواب انتخابات رئاسية.

أما على المستوى العربي عموماً والخليجي خصوصاً، فالموقف من لبنان بات واضحاً ولم يتغير، وهو يقوم على عدم تقديم اي دعم ما لم يقترن بالتزامات واضحة عبّرت عنها المبادرة الكويتية الاخيرة .

ولأن الاجندة الزمنية باتت ضاغطة جداً على لبنان، فقد توجه رئيس بعثة الصندوق بكلام مباشر وواضح مفاده ان لبنان لا يزال متأخراً عن القيام بالاصلاحات المطلوب تقديمها ضمن خطة اقتصادية واضحة، وان الرسائل التي رغبت السلطات في تقديمها عبر اقرار موازنة وخطة للكهرباء، لم ترتقِ الى المستوى المطلوب لأن الاستسهال بدا واضحاً في التحضير لهما، بحيث جاء المشروعان خاليين من اي خطوات اصلاحية جدية.

كما ان الصندوق كان واضحاً بالاشارة الى رفضه المقاربة التي قدمتها الحكومة لمسألة تحديد الخسائر المالية وتوزيعها. ولذلك دعا رئيس البعثة بوضوح الى مصارحة اللبنانيين بحجم هذه الخسائر وحقيقتها، ومن ثم توزيعها بعدالة بحيث تتم حماية المودعين وليس تحميلهم للجزء الأكبر منها.

الواضح في كلام راميريز أن عملية التذاكي التي قامت بها السلطات اللبنانية في مقارباتها مع الصندوق لم تؤت ثمارها، بل على العكس، كُشفَت في شكل فاقع ومؤذٍ للبنان، لأنها بينت ان لا جدية في التعاطي الرسمي مع التحديات القائمة، وان حُسن النيات لا يكفي لوضع برنامج جدي يُخرج لبنان من كبوته.

إذاً، فالتقييم الأوّلي لأول جولة من المشاورات لم يكن مقبولاً، وقد اضطر الصندوق الذي عبّر عن رأيه في البيان الختامي للمشاورات التمهيدية الاولى، الى ان يعيد تكرار الموقف على لسان رئيس البعثة وجهاً لوجه مع القيّمين على السلطة، خصوصاً ان ما تعتبره السلطة إنجازات على صعيد الموازنة والكهرباء وتوزيع الخسائر، يعتبره الصندوق اخفاقاً واستسهالاً لحلول غير مستدامة.

في الأسبوع الاخير من الشهر الفائت، اصدر رئيس بعثة صندوق النقد الى تونس كرئيس جيريجات بياناً في نهاية مهمة افتراضية أعلن فيه عن “تقدم جيد في برنامج الإصلاح الذي وضعته السلطات”، كاشفاً عن مواصلة المناقشات للنظر “في إمكانية الدخول في برنامج تمويلي جديد مع تونس”، متوجهاً بالشكر الى السلطات التونسية على “الاجتماعات البناءة والموضوعية والتعاون الممتاز”.

البيان من بضعة اسطر كان كافياً ليعكس ارتياح الصندوق وإشادته بالجدية التونسية في مقاربة البرنامج التمويلي. في المقابل، بيان من عشرات الأسطر لبعثة الصندوق الى لبنان تعيد التذكير بالركائز الخمس المطلوبة من لبنان، و”الحاجة الى اتخاذ إجراءات حاسمة”، فضلاً عن تكرار التأكيد على “اهمية وضع استراتيجية مالية متوسطة للإنفاق الاستثماري”، و”تنفيذ خطة إصلاح شاملة…”.

لسنا في وارد اعادة كتابة البيان المنشور في منتصف شباط الماضي، الا ان المقارنة مع تونس تصبح مبررة، عند تلمّس حجم الإحجام والتراخي الحاصلَين في لبنان!

المصدر : سابين عويس – النهار

Ads Here




مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة