جاء في “المركزية”:
في خرق ايجابي نادر للجدار الصلب والسميك الذي ارتفع بين لبنان والمجتمع الدولي عموما والدول الخليجية خصوصا، نبأ سارّ وصل الى بيروت مصدره الرياض وباريس.
فقد بحث وزيرا خارجيتي فرنسا والسعودية جان ايف لودريان وفيصل بن فرحان امس في الـ”كي دورسي”، الأوضاع في لبنان وكيفية دعم الشعب اللبناني الذي يعاني من ظروف صعبة ومن تداعيات أزمة اقتصادية وإنسانية حادة. فكان اتفاق على تمويل مشاريع إنسانية أولية عدة لمساعدة الشعب اللبناني، ومشاريع خيرية وإنسانية تُعنى بتوفير مساعدة مباشرة لعدد من المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية الأولية في لبنان، ورفع مستوى الرعاية الصحية الموجهة لمكافحة جائحة كورونا (كوفيد – 19)، وبعض المنشآت التعليمية الأساسية، والمساهمة في تمويل أعمال المنظمات العاملة على توزيع حليب الأطفال والغذاء للفئات الأكثر تضرراً. وسيتم إنشاء آلية العمل المشتركة المتفق عليها بين العاصمتين لتقديم الدعم للشعب اللبناني ولتمويل بعض أنشطة المنظمات الدولية غير الحكومية العاملة في مجال الإغاثة والمساعدة الشعبية في لبنان… وقد اشارت قناة “العربية” السعودية، الى أن المملكة ستتبرع بـ 36 مليون دولار للبنان عبر مركز الملك سلمان للإغاثة.
بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، فإن هذه الخطوة المرحب بها تدل على ان الخارج الغربي والعربي والخليجي لا يزال مهتما بأمان واستقرار لبنان وشعبه. ورغم كل مشاغله، يجد متسعا من الوقت ومن الدعم لصون هذا الاستقرار. واذ تشير الى ان هذه المبادرة أبصرت النور بعد أشهر من الاتصالات والتنسيق بين فرنسا والسعودية، تلفت المصادر الى ان ما يجدر التوقف عنده، هو “شكل” الدعم المنتظر و”أهدافه”.
فهو موجّه حصرا، الى الشعب اللبناني والى المؤسسات التي تُعنى بصحته وطبابته وتعليمه ومأكله ومشربه، وهي مؤسسات غير حكومية. فالعاصمتان فضلتا تحويل مساعداتها الى هذه الجمعيات ولم ترسلها الى “الدولة” اللبنانية، في موقف مثقل بالرسائل والدلالات. فباريس والرياض من خلال هذا القرار أبلغتا لبنان الرسمي بوضوح انها لا تثق لا به، ولا بإدارته للشأن العام عموما وللاموال والمساعدات الدولية خصوصا. من هنا، فإنها باقية حتى اشعار آخر، على قطيعة معه وعلى مقاطعتها له وللوزارات والمؤسسات الرسمية، لكنها تفصل بوضوح بين لبنان الشعب ولبنان الدولة…
على اي حال تشير المصادر الى ان هذا السلوك الخارجي، نراه بوضوح في المفاوضات التي تجريها الحكومة مع صندوق النقد الدولي وفي الدعم الذي تنشده من الدول المانحة: فاذا لم تُظهر جدية في الاصلاح الاقتصادي والسياديّ، وفي محاربة الفساد، لن تصل مساعدات من العواصم الكبرى الى خزينة الدولة وستبقى متجهة مباشرة الى الشعب اللبناني متجاوزة سلطاته.