أثار كلام الرئيس فؤاد السنيورة التلميحي حول ترشحه للانتخابات النيابية، تساؤلات كثيرة حول الموقف الحقيقي لـ«تيار المستقبل» حيال الموضوع الذي شدد حوله زعيم التيار الرئيس سعد الحريري على المقاطعة بالنسبة الى التيار وكتلة المستقبل من دون إفساح المجال للعودة عنه.
ذهب البعض الى اعتبار أن موقف السنيورة، غير المنتمي تنظيميا إلى التيار، هو نفسه موقف الحريري الذي لا يريد الظهور علناً بمظهر الداعي الى الانتخابات لظروفه الخاصة، وقال البعض الآخر إن اختلافا في وجهات النظر ظهر بين الطرفين حتى تحدث كثيرون عن خلاف وطموح للسنيورة هامسين بأن الشخصين لم يكونا على وفاق تام في السنوات الأخيرة.
بالنسبة الى ترشيحات المستقبليين، فهي لن تتضح في هذه اللحظة السياسية وعلينا الانتظار الى إقفال باب الترشيحات في 15 آذار المقبل لتبيان المشهد.
السنيورة لم يخرج عن قرار الحريري
على أن تلك التساؤلات المشروعة والخاصة بالطائفة السنية وبحلفاء التيار المستفيدين انتخابيا منه، يُقر نائب رئيس التيار الدكتور مصطفى علوش بحضورها حول سبب طرح السنيورة هذا الموضوع بهذا الشكل طالما ان قرار الحريري كان واضحاً.
ويؤكدا أن الحريري قال إن التيار لن يرشح أحدا باسمه ولكنه لم يمنع المشاركة في الانتخابات على الإطلاق، مشيراً الى أن ثمة أموراً في حاجة الى بعض التوضيح من قبل شخصيات داخل التيار تزايد حتى على الحريري في بعض المواقف.
كما يوضح بأن السنيورة لم يخرج عن قرار الحريري وهو لم يقل أصلاً إنه سيترشح ولم يطالب التيار بذلك، بل إنه سيخوض الانتخابات ونقطة على السطر.
وبذلك لا يريد علوش إثارة البلبلة من وراء ما حدث. وبينما ما زال وغيره من الغالبية العظمى في التيار كما من المحيطين بالحريري يجهلون ما وراء قرار زعيم المستقبل وحساباته، فهو لا يستطيع ان يفترض الأمور مع تفهمه لقرار الحريري.
إلا أن القيادي المستقبلي يبدو قلقاً من تراجع شعبية التيار التي باتت في تضاؤل واضح على مدى السنوات الماضية، مذكراً «بأننا خسرنا أكثر من ثلث نوابنا في الانتخابات السابقة وحوالي 40 في المئة من التأييد الشعبي».
عدم الوضوح بالنسبة الى جمهور المستقبل لا يعوضه تأكيد علوش على أن الطريق مفتوحة لأعضاء قياديين أو لكوادر في التيار للترشح لكن على مسؤوليتهم الخاصة. ويضيف جملة ذات دلالة: قد يكون المخرج في المرحلة المقبلة حصول تفاهم وطني عام تحت شعارات وطنية تشبه ما قاله السنيورة، لإنتاج حالة تدفع المُستنكفين عن الترشيح لاسباب مادية، الى الترشح. هذا شرط أن يحصل ذلك على موافقة الحريري وعدم إبداء انزعاجه منه في العلن لعدم ضربه. ويضيف الحاجة الى غطاء إقليمي لذلك.
هل هو غطاء سعودي يقصد؟
يجيب نائب الرئيس المستقبلي بالإيجاب. وحسبه أنه بذلك يصبح في مقدور الملتزمين بقرار الحريري الذين يقدرون بـ 20 في المئة من الناخبين السنة، تغيير المعادلة.
ويستشف المحاور له بأنه يؤيد ذلك، وهو يخشى على الساحة السنية وسط الفراغ هذا من أمور عدة أولها حضور «حزب الله» ليقتنص مقاعد سنية وحضور آخرين من غير ذوي الحيثية للاستفادة أيضا من غياب المستقبل عبر دفع الأموال وإن في شكل غير غزير فالوضع الاجتماعي جد مزري.
هذه الظواهر التي قد تستجد على المشهد تقلق علوش وغيره.
انخفاض الحاصل الانتخابي السُنّي
وبعودة الى الخشية من «حزب الله»، فإنها تكتسب شرعية لدى التيار، فالحزب سيستفيد فعلا من الغياب للحريرية، ويركز علوش قلقه على انخفاض الحاصل الانتخابي الذي سيكون لصالح الحزب.
ففي بيروت هذا الحاصل منخفض وسُنة العاصمة تاريخيا يتحركون بصعوبة يوم الاحد الانتخابي فماذا يمنع الحزب من الظفر بنصف مقاعد السنة؟ والأمر يُسقط نفسه على طرابلس أيضا على سبيل المثال لا الحصر حيث يملك الحزب نائبين (حلفاء له) وهو سيتمكن زيادتهم. فالحاصل في دائرة طرابلس اذا انخفض عن نحو 12 ألفا الى 7 الى فمثلا، قد يكون للحزب 5 مقاعد إضافية!
ويأسف الرجل لعدم حضور الحراك المدني بجديّة على الساحة السنية فهو يفتقد الرؤية الموحدة ويحضر منه ناشطون لا وجود سياسي حقيقي لهم وقوته بهتت في شكل واضح واليوم الناس لن تتجه لكي تنتخب المجهول!
لا يحسم علوش بإجراء الانتخابات بعد أقل من ثلاثة أشهر. ما زلت مشككا بذلك، يقول لعوامل عدة منها الحالة الأمنية وصراعات السلطة وموضوع المغتربين الذي لم يُحسم، ولو افترضنا حصولها فما هو وضع السُنة اليوم؟
عمّار نعمة- “اللواء”