إن اليوم الطويل الذي عاشه لبنان قبل أيام في ملاحقة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لإعتقاله أظهر هشاشة الدولة الذي لا يحصل مثله في أي من دول “الكرتون والورق والموز”.
وأظهر كذلك أنّ “قوى 8 و14 آذار “و”التيار الوطني الحر” مُستعدون للعب على “صفيح ساخن” للحفاظ كُل منهم على مصالحه ومكاسبه السياسية والإدارية والمالية داخل الدولة بسلطاتها وأجهزتها ومؤسساتها وإداراتها وقد تجلّى ذلك بشكل واضح خلال هذا النهار الطويل.
فَهل كان يُدرك المعنيون من هذه القوى أنّ مَن كانوا يُلاحقونه لتوقيفه هو رئيس السلطة النقدية الذي لا زال يُؤمّن الرواتب والموازنات للدولة بسلطاتها ومؤسساتها وإداراتها وموظفيها وعسكرييها. وأنه لو تمّ الإقتراب منه أو إعتقاله لكان الدولار في السوق السوداء تخطّى عتبة “المائة ألف” ليرة وعندها لن تستطيع القوى السياسية والحزبية مجتمعةً سواء التي ضد سلامة أو تلك التي تُحابيه ومعها الدول الشقيقة منها والصديقة من مواجهة هذا “الزلزال” النقدي الذي كان سيُطيح بالبلد كليا لو حصل، حيث كان سيؤدّي ذلك مجدّدًا إلى نزول الناس نهائيًا إلى الشوارع وعدم خروجهم منها حتى خلاصهم من هذه الطبقة السياسية الفاسدة وحدوث إضطرابات أمنية وحوادت سرقة ونهب علنًا وفي وضح النهار وبقوّة السلاح .
وستزداد حالات الفقر عند الطبقة الوسطى وسيتوّسع “كره” كل البيئات الحاضنة للقادة وقواهم السياسية وأحزابهم وتياراتهم. فهل كان المقصود من محاولة إعتقال سلامة إيصال البلد إلى هذا الوضع المأساوي الكامل ليكون ذلك بمثابة رسالة واضحة لكل المعنيين بالشأن الرئاسي محليًا وعربيًا وإقليميًا ودوليًا مفادها: أما الرئاسة أو تحملوا سقوط الهيكل على رؤوس كل اللبنانيين دون مراعاة لأحد واذهبوا جميعكم وأصلحوا البصرة بعد خرابها أذا إستطعتم إلى ذلك سبيلا. الرئيس سعد الحريري كان وضع أصبعه على الجرح عندما قال في مُقدمة بيانه الذي صدر بإسم تيار المستقبل تعليقًا على هذه التطوّرات: “إن ملاحقة الحاكم يُشكّل خطوة في مسار الإنهيار وليس خطوة في أوهام الحل ومكافحة الفساد” .
لذلك قلناها سابقًا ونقولها اليوم وغدًا إنها “معركة الرئاسة” ليس إلّا، وعشية قرب إنتهاء العهد تبقى كل الإحتمالات وجميع الطرق مفتوحة إلى جهنم الذي كان دياب وحكومته الفاشلة قد أرسلا قبل سنتين الليرة إليها عندما أرتكبا عن جهل والذي هو أخطر من التآمر جريمة إمتناع لبنان عن دفع دين اليوروبوند ( 3 مليارات ) التي كانت مُستحقة عليه ممّا أدى الى إنهيارها الكامل أمام الدولار .
ليبانون ديبايت – عماد جودية