علق سعد الحريري مشاركته ومشاركة حزبه في الحياة السياسية اللبنانية، فتنفس الكثيرون الصعداء معتبرين «انه هم ونزل»، فاذا بهم يفاجؤون بخروج مارد «القمقم الازرق» الذي طالما اعتبر نقطة ضعف «المستقبل» منذ زمن الاب، فكثرت التحليلات والقراءات، لاهداف وابعاد الخطوة، على ما درجة العادة في لبنان.
واذا كان كلام الرئيس السنيورة ، قد اثار دهشة الكثيرين ممن رؤوا فيه وقرؤوه على انه انقسام داخل «المستقبل»، فان القاعدة الشعبية السنية رأت فيه «قائدا للمعركة» بنسختها الثانية، وصاحب بوصلتها للفترة المقبلة.
غير ان ابرز ردود الفعل، التي تطرح الكثير من علامات الاستفهام على المستقبل القريب، اتت من طرابلس مع اعلان الوزير السابق اشرف ريفي تأييده ما اوحى بان ثمة اعادة لمّ شمل للعشاق الذين انفخت دفهم ذات يوم تسويات سقطت مع الوقت. فهل تصلح الرسالة التي وجهت لـ «القوات اللبنانية» للتطبيق على صقور «المستقبل» السابقين؟ وهل يكون ذلك بداية تحالف مع اللواء ريفي؟ مع الاشارة الى ان ثمة موجة شعبية تتحدث عن جرأة الشيخ سعد الذي اقر بخطئه، فقرر الانسحاب تاركا الباب واسعا امام «قوته الضاربة» السابقة لتأدية دورها في الفترة المقبلة.
في كل الاحوال، فان كلام السنيورة، ركز على مجموعة من النقاط والمؤشرات ابرزها:
- تقاطعه مع كلام «ابو تيمور» التي اعلنها «حربا ناعمة» على محور الممانعة والمقاومة ، من الضاحية الى طهران عبر تغريدات ومواقف، وافعال وتحالفات قادته، الى تفعيل التواصل والتنسيق والتعاون مع «القوات»، بالتعاون والتنسيق مع «ابو مصطفى» الذي تكفل بضرب ما تبقى من دعائم للمعركة الانتخابية، عبر «تشليح» البرتقالي «المير الحليف»، وتعويضه حصته و»فوقها حبة مسك».
- موقفه من «القوات اللبنانية» ، اللافت فيه انه جاء خارج السياق «الازرق» وهجماته المركزة، حيث ركز على ضرورة التعالي فوق الصغائر والعودة الى روح التحالف والتعاون الذي قام سابقا، مقتربا بذلك اكثر من «فشخة» من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، معيدا خلط الاوراق في اكثر من منطقة ودائرة.
- اعلانه ان مؤتمره الصحافي جاء بالتنسيق مع الرئيسين ميقاتي وسلام، عاذرا متفهما الشيخ سعد، حيث تقول المصادر ان خطوة الامس صبّت في اتجاه تكريس الاتفاق الذي جرى التوافق عليه خلال «الصلاة المشتركة»، برعاية ومباركة من دار الفتوى الساعية الى لمّ الشمل السني، واعادة وصل ما انقطع سابقا مع المملكة العربية السعودية، والذي بدأ مع تمايز»الميقاتية السياسية» عن الثنائي الشيعي ، واكثر من ذلك «طحشة « وزير الداخلية التي بات عدد المتضررين منها كبيرا.
- نعيه الواضح والصريح «لنادي الرؤوساء الاربعة» الذي بات ثلاثيا بعد كلامه، حيث تشير بعض الاوساط الى ان السنيورة الذي طالما عارض السياسات التي اعتمدتها اخيرا قيادة «المستقبل»، خصوصا ضرب الشيخ سعد لصقور التيار وتحجيمهم، لم يتوصل الى حبك تفاهم او اقله «ربط نزاع» مع بيت الوسط عشية خطوته الاخيرة، التي اعتبرها اخلاء للساحة امام حارة حريك لملء الفراغ السني، ما لم تكن «اعادة التموضع الزرقاء» مدروسة ومنظمة.
- امتعاض بعض قيادات «المستقبل» من جماعة «الحمائم» الذين يتزعمهم الشيخ احمد، الذي «ما صدق» خروج نادر الحريري من الحلبة وتحجيم «الشيخ الكبير» للصقور، ليصول ويجول في طول القاعدة المستقبلية وعرضها، رغم انها «لم تبلعه يوما «، وما جولاته المناطقية الفاشلة الا خير دليل.
وعليه، هل تصنف خطوة السنيورة في باب تقاسم الادوار مع الشيخ سعد، الذي عرف منذ اليوم الاول انه لا يصلح لقيادة معركة السنّة ضد حزب الله؟ ام انتفاضة داخل «تيار المستقبل» تعيد جميع القوى لخوض معركة سيادية جديدة مماثلة لتلك التي خاضها تحالف الرابع عشر من آذار؟ وهل هي ذات ابعاد داخلية صرفة ام مدعومة من جهات خارجية عربية ودولية؟ وهل تكون مقدمة لولادة حركة سنية بديناميكية جديدة؟
الواضح حتى الساعة ، ان الخطاب المتوقع للفترة المقبلة «لابس السنيورة لبس» ، ويصلح له «عالبكلة»، يبقى ان نراقب التطورات ومسارها، فما اعتبر ضربا للسنّة وانقضاضا عليهم وعلى «المنظومة الحريرية»، جاء معاكسا، ولدت حركة سياسية جديدة بزعامة السنيورة، وانتفضت المنظومة الامنية محوّلة اللواء عماد عثمان من مطلوب للقضاء الى «بطل وطني».