منذ إعلان الرئيس سعد الحريري مقاطعته للانتخابات النيابية المقبلة والموقف ضبابي على ضفة الحزب التقدمي الاشتراكي، الحليف الثابت انتخابياً للتيار الأزرق. فالوجوه السنية البارزة في “المستقبل” باتت حكماً خارج إطار الخيارات المطروحة بعد التعميم الجازم للحريري بأن مَن يريد الترشح ومخالفة قراره عليه أن يستقيل أولاً من التيار.
تتجه الأنظار الى 4 دوائر انتخابية مشتركة ما بين “الاشتراكي” و”المستقبل”، وهي بيروت الثانية، الشوف وعاليه، البقاع الغربي – راشيا وطرابلس. والأخيرة دخلت أخيراً الى منتدى “الاشتراكي” الانتخابي بعدما قرر ترشيح الوجه النسائي عفراء عيد فيها.
صورة التحالفات على الساحة السنية لم تتضح بعد، فالاتصالات لم تصل الى نتائج نهائية، كما علم موقع mtv، وعلى ما يبدو ستكون هناك تفاهمات مناطقية ولن تكون هناك غرفة عمليات لادارة الملف السني ككل مركزياً.
وأشارت المعلومات الى انه “في كل منطقة هناك اعتبارات ستحكم ترتيب الوضع السني ولذلك فان التعاطي سيكون مناطقياً”، كاشفة أن “الأمور تتبلور تباعاً في المناطق ولكن لا ترتيب نهائي بعد حتى الساعة”.
يتعاطى النائب السابق وليد جنبلاط بحذر شديد في مقاربته لكيفية التعامل مع الساحة السنية، محترماً حيثيات كل منطقة ورغبة القاعدة الشعبية لتيار المستقبل وكوادره وإن كانوا مجبرين على الابتعاد عن المشهد العملاني والماكينات الانتخابية، وإن كان بعضهم يعتبر أن عليهم ان يكونوا حاضرين وعدم إخلاء الساحة والتواصل مع الحلفاء التقليديين لإيصال أسماء سنية تمثّل خطهم السياسي، إلا أن التخبّط واضح خصوصاً أن لا ماكينة انتخابية مدعومة وممولة تعمل على الأرض.
هذه الفوضى العارمة على الساحة السنية تتجلّى أيضاً في الدوائر المشتركة بين “الاشتراكي” و”المستقبل”، ففي دائرة بيروت الثانية، حيث سيتم ترشيح النائب فيصل الصايغ، ليس هناك بعد من لائحة جاهزة لاحتضانه وقد سبق وحسمها جنبلاط بأنه لن يتحالف مع بهاء الحريري ولا فؤاد مخزومي. بانتظار إشارة مطمئنة من رئيس مجلس النواب نبيه بري الى جنبلاط حول مصير المقعد الدرزي على لائحة الثنائي الشيعي وعمّا اذا كان سيضمن إبقاء هذا المقعد شاغراً وبالتالي حسم وصول الصايغ على أي لائحة كان.
أما في الشوف وعاليه، فإن الوضع مريح أكثر بالنسبة الى جنبلاط، فترشيح بلال عبدالله قد حُسم في اقليم الخروب، ويبقى التفاهم في الساحة السنية على شخصية مقبولة من جمهور تيار المستقبل لتكون على لائحة اللقاء الديمقراطي، ويتقدّم إسم أمين سر نقابة المحامين سعد الدين الخطيب، وهو ابن بلدة برجا، والذي تمت تزكيته من قبل شخصية وازنة مقربة من الحريري، كما علم موقع mtv، إلا ان الموضوع لم يُحسم بعد.
وكذلك الأمر في دائرة البقاع الغربي – راشيا، فإن التحالف محسوم أيضاً مع شخصيتين سنيتين وازنتين على اللائحة التي ستضم النائب وائل أبو فاعور ومرشح القوات. ومن المرجح أن يكون النائب محمد القرعاوي إحدى هاتين الشخصيتين، خصوصاً وانه كان عضواً في كتلة المستقبل لكنه غير منتسب لتيار المستقبل ولن يكون محرجاً في اعلان ترشيحه.
وأما في الشمال فإن الاتصالات لم تصل بعد الى حسم خيار اللائحة التي ستنضم اليها مرشحة “الاشتراكي”، والساعات المقبلة ستكون كفيلة بحجز مكان لها.
قرار الحريري ترك أثراً كبيراً على خيارات جنبلاط الانتخابية، الأمر الذي تؤكده مصادر “الاشتراكي”، التي أشارت الى ان “التحضيرات للمعركة الانتخابية لا تزال في بدايتها والسبب هو التأخير الذي حصل في تلّمس المشهد السياسي خصوصاً بعد تعليق الرئيس الحريري لعمله السياسي وحيث لا تزال الاتصالات على مستوى الساحة السنية جارية ولم تنته الى نتيجة يمكن الركون لها او البناء على أساسها تحالفات انتخابية. بالاضافة الى الضغط الحاصل على كل الواقع اللبناني السياسي نتيجة التحديات الاقتصادية والمعيشية”.
وأضافت “هذا الأمر أرخى بظلاله على تحضيرات الاشتراكي للانتخابات حيث بدأ العمل الانتخابي الفعلي منذ أسبوعين رغم أن عمله السياسي والاجتماعي والمعيشي لم ينقطع في المراحل الماضية، لكن التحضير اللوجيستي والتقني والعملاني للانتخابات، بالاضافة الى الحديث الفعلي عن الترشيحات والتحالفات الانتخابية لم ينطلق الا أخيراً ولا يزال في طور التبلور على أن تكتمل المعالم خلال أسبوع لناحية رسم التحالفات الانتخابية والتحديد النهائي لأسماء المرشحين، وان كانت البورصة رست في أكثر من منطقة على شخصيات باتت معروفة”.
هذا على مستوى التحالفات، أما فيما يتعلق بقراءة “الاشتراكي” للمشهد الانتخابي، فتقول المصادر: “هناك لحظة مصيرية يمرّ بها لبنان نتيجة الواقع الاقتصادي غير المسبوق والذي جعل الانتخابات تشكل محطة مفصلية في هذا المسار الطويل الذي تمر فيه الدولة ككل، الكيان اللبناني والمؤسسات، ومعركة على طريق تثبيت ما تبقى من الدولة وإعادة البحث عن كيفية بنائها من جديد مقابل محور وضع مفاصل الدولة كلها تحت سيطرته وأطبق على مفاصل الحكم”، معتبرة أن “الانتخابات النيابية ستكون بالنسبة لهذا المحور الذي يريد الاطباق على البلد محطة سيحاول من خلالها انهاء القوى الرافضة والحزب الاشتراكي في طليعتهم”.
وعن خصوم “الاشتراكي” في هذا الاسحقاق، قالت المصادر: “المعركة مثلثة الأضلاع، الضلع الأول هو المحور الذي يتحكم بالبلد، والضلع الثاني هو القوى الالغائية من قوى التغيير لأن هناك قوى خطابها يجب ان يتلاقى ويتكامل مع الخطاب السيادي والاصلاحي للحزب الاشتراكي لكنها ترى ان وجودها يقوم على الغاء هذا الحزب الذي لا يمكنه الا مواجهته وعدم القبول بأن يكون لقمة سائغة لبعض الالغائيين بعد كل تاريخه وتجربته ونضاله وبرنامجه وما طبقه رغم بعض الاحيان الهفوات، وهو حريص على الشراكة مع كل القوى التغييرية الحقيقية. والضلع الثالث هو مواجهة اليأس والقنوط والاحباط الذي أصاب الناس نتيجة واقعهم الاقتصادي المزري وعليه مهمة في كيفية الوصول الى اقناع الناس بضرورة المشاركة لأهمية هذه المعركة الانتخابية في تحديد مستقبل لبنان”.
نادر حجاز -موقع mtv
Ch23