كتب خضر حسان في “المدن”:
لم يغب الحديث عن أزمة المحروقات وطوابير السيارات أمام المحطات وغالونات السوق السوداء، عن بال اللبنانيين. هُم اعتادوا الأزمات لم تعد مفاجئة لهم، وإن تذمّروا من مفاعيلها. لكن تصاعد حدّة الأزمة الداخلية على المستوى الاقتصادي والسياسي، وترقُّب انفلات أسعار الدولار في أي لحظة، يزيد الوضع صعوبة عمّا كان عليه في أزمة المحروقات الماضية. وأيضاً، تؤشّر حدّة التوتّرات بين روسيا وأوكرانيا على إحداث تغيير سلبي على مستوى العالم في ما يخص النفط. فمن المتوقّع أن ينخفض المعروض وترتفع الأسعار أكثر.
تقلّب الأسعار محلياً
منذ أن حطّت أزمة الطوابير رحالها مع تحليق أسعار المحروقات، بقي السوق متقلّباً على وقع تغيير أسعار الدولار المؤمَّن من مصرف لبنان، والدولار الذي على الشركات المستوردة تأمينه نقداً. فالمصرف المركزي بات يؤمّن 85 بالمئة من الدولار والشركات تؤمّن 15 بالمئة، وتصدر وزارة الطاقة جدول تركيب الأسعار انسجاماً مع حركة الدولار. لكن اهتزاز استقرار الأسعار العالمية، أدخَلَ عاملاً إضافياً على الجدول، فأحياناً تصدر الوزارة جدولاً يستند إلى الأسعار العالمية، في حين أن أسعار الدولار في السوق اللبناني مستقرة نسبياً. والمؤشر العالمي، مقلق حالياً، إذ يقترب سعر برميل النفط من الـ100 دولار.
حتى اللحظة، تسجّل المحروقات ليوم الثلاثاء 22 شباط، ارتفاعاً في سعر صفيحتيّ البنزين، وانخفاضاً في المازوت والغاز. فحسب جدول تركيب الأسعار، ارتفع سعر صفيحة البنزين عيار 95 أوكتان بمعدّل 4800 ليرة، والصفيحة عيار 98 أوكتان ارتفعت بمعدّل 3800 ليرة، فيما انخفضت صفيحة المازوت 2000 ليرة، وقارورة الغاز تراجعت 4300 ليرة.
وعليه، أصبحت صفيحة البنزين عيار 95 أوكتان بـ362000 ليرة. والصفيحة من عيار 98 أوكتان بـ371000 ليرة. وصفيحة المازوت بـ331000 ليرة، وقارورة الغاز بـ276000 ليرة.
وعلى عكس الانخفاض المستمر الذي شهدته الفترة الماضية، رَفَعَ مصرف لبنان سعر صرف الدولار المؤمَّن من قِبَله وفقاً لمنصة صيرفة لاستيراد 85 بالمئة من البنزين، إلى 20300 ليرة بعد أن كان 20200 ليرة يوم الخميس الماضي. أما سعر صرف الدولار المعتمد في الجدول لاستيراد 15 بالمئة من البنزين والمتوجب على الشركات المستوردة والمحطات تأمينه نقداً، فانخفض من 21111 إلى 20862 ليرة.
نقص في حوض المتوسّط
يجد عضو نقابة أصحاب المحطات، جورج البراكس، ما يحصل على مستوى الأسعار أمراً طبيعياً، لأنه انعكاس لما يحصل على المستوى العالمي. لكنّه تخوّفَ في حديث لـ”المدن”، من امتداد التداعيات إلى مستويات أعلى، ما يؤثّر على السوق اللبناني الذي يعيش حالة قلق.
وحسب البراكس، فإن “الشركات المستوردة تعاني صعوبة في شراء المحروقات من دول حوض البحر الأبيض المتوسّط. لكن مع ذلك، فهي تقوم بواجباتها وتؤمّن المحروقات. إلا أنّ لا أحد يعرف ما قد يحصل مستقبلاً إثر الأزمة بين روسيا وأوكرانيا”.
ويشرح البراكس أن الشركات المستوردة تشتري المحروقات “من تركيا، اليونان، إيطاليا وفرنسا. وهي دول تعاني في الأصل من شحّ المخزون لديها، حيث تضطرّ إلى توزيعه على مختلف الدول التي تشتري منها، ومن بينها لبنان”. وإن كانت الكميات قليلة في الأحوال العادية، فكيف بها في الأزمات؟
ما يدعو للانتباه في ما يخص لبنان، هو احتمال عودة الأزمة إلى المحطات، وهو سيناريو لا يخفيه البراكس. وعلى حدّ تعبيره “نحن نقلق أكثر لأننا عشنا الأزمة من قبل”. وفي المستقبل القريب قد نعيش الأزمة مع باقي دول العالم التي بدأت بالتفكير في السيناريوهات المطروحة، وأوّلها صعوبة زيادة مجموعة أوبك لحجم إنتاجها، مما سيؤثر مباشرة على الأسعار التي تلامس 97 دولاراً.
ومن المتوقّع أن لا تنخفض الأسعار حتى وإن تمكّنت مجموعة أوبك من زيادة إنتاجها، لأن عامل القلق والتوتّر سيبقى سائداً. وأيضاً، تقللّ التوقعات من تأثير ضخ إيران لكميات من نفطها الخام في السوق، حتى قبل توصّلها إلى نتائج إيجابية في ما يخصّ الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة الأميركية. وبالتالي، فإن الأسعار عالمياً ستبقى متقلّبة على المدى المنظور.