كتب محمد ناصرالدين في سكوبات عالمية:
في مرمى كلماتنا البحث عن كل من ساهم في هدم صرح لبنان الجميل . تحميل جهة ما مسؤولية ما حدث من انحراف خطير في المسار الاقتصادي و السياسي في لبنان ، هو كوضع العوائق في طريق الإصلاح إن اعتبرنا أن المحاسبة بعيدة المنال في وطن تتنفس منابره الطائفية و التحريض .
في مخططات الحكومة كانت الاستدامة و الرؤية الاقتصادية السليمة غائبة بالفعل ، ما كان النظر أبعد من الأنف و المحاصصة و النشوة العاجلة!
ان الحكومات اللبنانية المتعاقبة فضّلت كسب آني سهل عبر تصديق كذبة أن لبنان سويسرا الشرق بمصارفه و خدماته ، هذا الوهم سرعان ما انجلى مع أول ارتجاف اقتصادي و مالي ، فبدا الصرح هشاً و التشوهات بارزة .
لبنان بلد يعتاش على الاستثمارات الخاصة و المبادرة الفردية .في ظل غياب الحكومة عن قطاعات جوهرية مرتبطة بحياة المواطن و فرص عمله ، فكان من اجدر بها اتخاذ خطوات من شأنها تحريك الرساميل نحو هذه القطاعات بدل استجرارها نحو صناديق رقمية في المركزي و المصارف التجارية .
عبثت الفوائد المرتفعة و التعاميم المصرفية بما تبقى من رمق للقطاعات الانتاجية من صناعة و زراعة ، و فضل رجل الأعمال اللبناني و الاجنبي أن الحصول على عصفور مؤكد افضل من عشرة في الشجرة ! فكان خيار الاموال المتراكمة أفضل من خيار تشغيلها في مصانع و مزارع و استثمارات نِسَبُ الربح فيها كنِسَب الخسارة !
كل اقتصاد مُعرض للأزمات ، لكن ما الذي جعل الأمور سوداوية إلى هذا الحد؟!
بالطبع لا تصفق يد دون اخرى و لا تقود ذراع واحدة ، هو حال لبنان الذي يملك ذراع اقتصادية واحدة ، فالقطاعات الاخرى لا تستطيع النهوض بنفسها حتى تنهض بوطن بأكمله .
توافرت العملات الصعبة في المركزي و ضُحَّ الانتعاش في الدورة المصرفية، ربما ذلك أغرى الوزارات بقصد او دون قصد ، فتراصت الارقام جنب بعضها حتى بلغت قِيَماً مهولة ، ديون اضافية و أعباء متراكمة على الخزينة العامة ، و انتهت الكعكة؟!
ما كان سقوط الامس سوى درس الغد ، لا بد من حكومات ذات نظرة ثاقبة ، بعيدة ، و سياسات مستدامة سليمة ، تُدرك أن في زمن العولمة و الحساسية السياسية المفرطة ، لا مكان للأحادية الاقتصادية ، فالذراع الواحدة لا تصلح سوى للندب و مواساة الخد اليائس !
المصدر : محمد ناصر الدين – سكوبات عالمية