بالرغم من أن أنظار القوى السياسية المحلية تتجّه بمجملها نحو الانتخابات النيابية المرتقبة، الا أن التطورات القضائية المُلتهبة منذ مدّة عادت لتُدخل البلاد في دوامة الشعبوية و”البطولات” الوهمية، واستنفرت المواجهات السياسية من جديد.
كلّ ذلك يبدو مشروعاً في الحياة السياسية، لا سيّما في بلدٍ كلبنان يحكمه منطق “استغلال الحدث” بهدف شدّ العصب الحزبي والطائفي او تحصيل بعض المكتسبات قبل أي استحقاق، لكن ما هو غير مشروع، تهديد البنية اللبنانية بشكل عام وتهشيم ما تبقّى من مؤسسات الدولة وأجهزتها وإلحاقها بقطار الانهيار.
اللافت أمس كان إدعاء مدّعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون على مدير عام قوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان على خلفية منعه قرارا قضائياً يقضي بتنفيذ مديرية أمن الدولة مذكرة إحضار بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. فمن “يُحركش” لإشعال المواجهات بين جهازين بهذا الحجم، والتصويب على “قوى الامن الداخلي” بهدف خلق أبعاد طائفية تهزّ استقرار البلاد، وفي مصلحة من يصبّ استهداف المؤسسات الأمنية في لبنان؟
من هُنا، بات السؤال جائزاً حول من يقف خلف “تحرّك” القاضية عون في هذه المرحلة الدقيقة والحساسة في محاولة لاختلاق أزمة سياسية رغبة منه ربما بتطيير الانتخابات النيابية بسبب التدهور الكبير الذي يعاني منه والذي قد يدفعه الى التهوّر والمسّ بالخطوط الحمراء المرتبطة بالمؤسسات الأمنية التي تشكّل ركيزة أساسية للاستقرار في البلاد وتحول دون وقوع الوطن في شباك الفوضى الاجتماعية!
هذه اللحظة بالذات، وانطلاقاً من حساسيتها، تستوجب أيضاً طرح أسئلة أخرى، احدها يكمن في كيفية تعاطي القوى السياسية مع ما حصل، حيث أنه من غير المقبول الإبقاء على هذا البلد رهينة لرغبة بعض الاطراف إما بتطيير الانتخابات أو شدّ العصب الشعبي لإعادة ترميم قواعدها وتحسين واقعها المتهشّم بفعل حراك “17 تشرين” وحادثة انفجار مرفأ بيروت. وما هو الحدّ الذي قد يقف عنده “القضاء السياسي”؟
المصدر: خاص “لبنان 24”