بين تعويض نهاية الخدمة والراتب التقاعدي لا أفضلية بالنسبة إلى موظف القطاع الخاص. ففي كلتا الحالتين لا قيمة للأموال التي سيتقاضاها، نظراً لخسارة الليرة اللبنانية أكثر من 80 في المئة من قيمتها الشرائية. وما قيمة التعويض عن عمل تفوق مدته 45 عاماً، إن لم تساوِ أكثر من 2000 دولار فقط؟
تحاول وزارة العمل وإدارة الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي إيجاد مخارج وآليات تعزز من قيمة تعويض نهاية الخدمة، التي سلبها سعر صرف الدولار حين دمّر الليرة اللبنانية. طُرحت العديد من الخيارات والمخارج، لكن نظراً للعراقيل والمطبات التي تواجه كل منها، انصبت جهود المعنيين في وزارة العمل وصندوق الضمان على إمكان تحويل تعويض نهاية الخدمة للموظف إلى راتب تقاعدي مدى حياته، إختيارياً. فهل يعوّض المشروع ما يخسره الموظفون من مستحقات وهل من مقومات لنجاحه؟
تآكل التعويضات
يبلغ متوسط تعويضات نهاية الخدمة على عمر 60 أو 64 عاماً للموظف نحو 43 مليون ليرة، ما يعني أنها تساوي نحو 2000 دولار فقط. ونظراً لتدهور قيمة التعويض ارتأت وزارة العمل والضمان الاجتماعي البحث عن مقترحات من شأنها تعزيز قيمة التعويض وجدولتها على مراحل لمواكبة الظروف الصعبة. فأوعز وزير العمل مصطفى بيرم لصندوق الضمان بالاستناد إلى قانون الضمان الاجتماعي، الذي ينص في الفقرة 5 من المادة 54 على إمكانية تحويل تعويض نهاية الخدمة إلى معاش تقاعدي مدى الحياة لمن يرغب، وبناء على طلبه. وعليه، قرر المدير العام للضمان تشكيل لجنة من ستة أعضاء من الخبراء في مجال التقاعد من ملاك الصندوق وخارجه، لإعداد مشروع النظام الخاص، على أن تقدّم هذه اللجنة تقريرها إلى المدير العام في مهلة أقصاها 3 أسابيع.
ويلفت المدير العام للضمان الاجتماعي الدكتور محمد كركي، في حديث إلى “المدن”، إلى أن المشكلة الحقيقية تكمن في ضآلة التعويضات بحد ذاتها، فما الإفادة من تعويض بقيمة 10 مليون ليرة في حال تم تقسيمهم على 10 سنوات؟ لا شيء، يقول كركي “من هنا نبحث عن آلية لزيادة أو تعزيز التعويض أو تمويله إما من فوائض الضمان أو من مصادر معينة”.
والمقصود بفوائض الضمان، هو الفائض الحاصل في فرع نهاية الخدمة وليس المقصود بالأموال المستحقة للضمان على الدولة والبالغة 5000 مليار ليرة. هذه الديون المستحقة للضمان في ذمة الدولة لم يتضح كيف ومتى ستبدأ الدولة بسدادها، وما إذا كانت ستسددها فعلاً. وتأتي أزمة ديون الضمان المستحقة والغموض المحيط بها في وقت يتصاعد فيه الحديث عن محاولة الدولة شطب ديون الضمان وإلغاء كل الفوائد المترتبة على السندات بالليرة. وهو ما يرتب خسائر كبيرة على الضمان. وهذه عوامل سيتم درسها وأخذها في الحسبان. إذ لا يجب المسّ بشبكة الحماية الاجتماعية، لا بل يجب تعزيزها ودعمها.
دعم التعويض
وإذ يجزم كركي العمل على مشروع قابل للحياة ويعزز قيمة التعويض، يقول “نبحث عن داعم سواء من الوفورات المحققة في الضمان أو على غرار ضمان المسنين. نبحث عن آلية شبه مستقرة لضمان استمرار المشروع، أي إيجاد إطار ثابت للمشروع، ريثما يصدر رسمياً مشروع التقاعد والحماية الاجتماعية الذي يقبع في مجلس النواب منذ العام 2004”.
ولا بد من الإشارة إلى أن مشروع تحويل تعويض نهاية الخدمة إلى راتب تقاعدي يبقى في حال إقراره اختيارياً للمتقاعد وليس إلزامياً. ومن المقرر أن يستمر الراتب التقاعدي مدى الحياة لكنه قد لا يستمر بعد وفاة المتقاعد، نظراً لضعف التمويل. كما لن يكون بقيمة الراتب التقاعدي الذي تمنحه الدولة لموظفيها.
3 مشاريع
يعمل الضمان حالياً، حسب كركي، على ثلاث جبهات. الأولى، قانون التقاعد والحماية الاجتماعية العالق في مجلس النواب حتى اللحظة. والثانية، مشروع تتم متابعته مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة منذ قرابة العام ونصف العام، ويقضي بصرف تعويضات نهاية الخدمة وفق سعر الصرف المعمول به في المصارف أي 8000 ليرة بعد رفعه من 3900 ليرة للدولار الواحد. وهذا المشروع لم تظهر له بوادر حقيقية حتى اليوم، علماً أن سلامة متجاوب -حسب تعبير كركي- غير أن المشروع يحتاج إلى قرار رسمي. أما المشروع الثالث فهو تحويل تعويض نهاية الخدمة إلى راتب تقاعدي، وإيجاد دعم له، لربما يشكّل هذا الخيار حلاً في المرحلة الراهنة التي يعاني منها البلد.
ويشدّد كركي على أن الأساس يبقى في إقرار آلية ثابتة وتحسين التعويضات وزيادتها، خصوصاً أن متوسط تعويضات نهاية الخدمة لا يتجاوز 43 مليون ليرة.
المدن-عزة الحاج حسن