بغض النظر عما اذا كان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بريئا أو مرتكبا، مسؤولا وحده عن الانهيار المالي او غير مسؤول، الا ان مصادر سياسية معارضة تعتبر عبر “المركزية” ان اصرار العهد على تطييره، أغراضه اولا شعبوية وثانيا “دخانية” اي ان المُراد من هذه العملية كلها، التغطية على اخفاقات وتنازلات يقوم بها الفريق الرئاسي أو هو في صددها، لا يناسبه أبدا ان تخرج الى الضوء عشية الانتخابات النيابية.
فوفق المصادر، مسرحية مطاردة سلامة من قبل جهاز امن الدولة بناء على مذكرة قضائية صادرة عن قاضية “العهد” غادة عون أتت امس متزامنة مع تهاوي خطة الكهرباء التي وضعها وزير الطاقة المحسوب على التيار الوطني الحر وليد فياض في مجلس الوزراء. ففيما الناس تقبع في الظلمة في عز الشتاء والبرد، وتحترق بنار فواتير المولدات، لا يزال الفريق الذي أمسك بمفاتيح وزارة الطاقة منذ اكثر من ١٠ سنوات، ورغم كل سفرات فياض الى الاردن وسوريا والعراق ومصر، عاجزا عن تأمين التغذية بالتيار لاكثر من ساعتين يوميا ويتحدث عن أشهر وسنوات لرفعها الى نحو ٨ ساعات، الامر الذي أثار غضب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي امس فأرجئ البحث في الخطة حتى اشعار آخر ، في وقت رفض الوزراء اي سلف اضافية لتمويل الكهرباء قبل الاطلاع على تفاصيل صرفها كما رفضوا رفع التعرفة الكهربائية قبل زيادة ساعات التغذية و”قبل ان نرى النور”، على حد تعبير وزير الاعلام عباس الحلبي امس.
الى هذه الصفعة الجديدة لأداء “البرتقالي” والتي بالطبع لا يناسبه إظهارها للرأي العام، بل تغطيتها بعنوان شعبي بامتياز هو انه يعمل لإنقاذ البلاد والعباد من رياض سلامة، ثمة تنازل سيادي قام به العهد، على ما يبدو، في الساعات الماضية يريد ايضا اخفاءه او تمريره بأقل كلفة شعبية وضجة سياسية. فبحسب المصادر، رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كما أظهر حديثه الصحافي الاخير السبت الماضي، تراجع تماما عن الخط ٢٩ في ملف ترسيم الحدود البحرية، واعتبر ان الخط ٢٣ هو سقف التفاوض وأن المرسوم ٦٤٣٣ بات من الماضي. وبهذا الموقف، يكون عون تنازل عن حصة كبيرة من ثروة لبنان الغازية والنفطية في سبيل انجاح مفاوضات الترسيم بين بيروت وتل ابيب، وهدفُه الاول من هذا التراجع: ارضاء الاميركيين، عرابي المفاوضات، علّهم بعد هذا الموقف الرئاسي، يفكّون العزلة عن رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ويخففون عنه طوق العقوبات، بما يطلق يديه اكثر ، قبيل الانتخابات النيابية لكن ايضا الرئاسية…
الا تحتاج هذه “الزحطات” الاصلاحية – اليومية والسيادية – الاستراتيجية، الى قنابل دخانية لتغطيتها والى معارك شعبوية لتعويض خسائرها ؟! طبعا تحتاج اليها تقول المصادر، وقد وجد العهد ضالّته في عراضة “قبع حاكم المركزي”…