مدعّماً بأمل الحصول على جواب رسمي لبناني قبل منتصف آذار المقبل، موعد شروع تل ابيب في بدء التنقيب عبر شركة انيرجين اليونانية، غادر الوسيط الاميركي في مفاوضات ترسيم الحدود آموس هوكشتاين الى اسرائيل لنقل حصيلة اتصالاته اللبنانية الى الطرف المفاوض في الجهة الاخرى من الحدود الجنوبية، قبل ان يطير مجددا الى بلاده لمتابعة ملفات مهمة تنتظره اميركيا واوروبياً.
وفي ما بات واضحا ان هوكشتاين لم يحمل ما ينعش القلب اللبناني لجهة الاقرار مثلا بحق لبنان حتى الخط 29 الذي انتهت مفاوضات الناقورة عنده، بعدما اكد الوفد العسكري المفاوض احقية لبنان حتى هذه النقطة وليس حتى الخط 23 الذي طرحته السلطة السياسية آنفاً، لا بل جاء حاسما ضاغطا بوجوب قبول طرحه الذي لا يتعدى الخط 23، مجمّلا ببعض التعديلات غير القيّمة،على قاعدة “Take it or leave it”، قالت مصادر معنية بالملف لـ”المركزية” ان ما تم تعميمه من ايجابيات في شأن ما طرحه هو مجرد تمنيات لا اكثر مقارنة مع حق لبنان الذي كرسته مفاوضات الناقورة والذي ينتظر توقيع المرسوم 6433 الذي يمتنع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عن توقيعه متسلحاً بضرورة إقراره من الحكومة نظراً لأهميته والنتائج المترتبة عنه، معتبرة انه السبيل الوحيد لحفظ حق لبنان ، خصوصا ان الرسالة التي وجهها لبنان الى مجلس الامن عبر السفيرة امل مدللي بعدما ناقشها الرؤساء والوزراء المعنيون لا توازي مفعول المرسوم الكفيل بمنع اسرائيل من الاقدام على اي خطوة قبل بت ملف الترسيم.
وتضيف ان ما قاله هوكشتاين للمسؤولين او عبر وسائل الاعلام كان شديد الوضوح لجهة حصر النزاع بين الخطين 1 و23، وان ايا من الطرفين لا يمكن ان يحصل على ما يطالب به بنسبة مئة بالمئة، الامر الذي يعني عمليا ان حقل كاريش موضوع خارج النقاش وهو حكما لاسرائيل، في حين ان حقل قانا خاضع للتفاوض من ضمن مساحة الـ860 كلم2 ، ونقطة عالسطر.
الطرح هذا، بحسب المصادر، هو حكما لمصلحة الجانب الاسرائيلي، ولو ان هوكشتاين يدغدغ مشاعر المسؤولين في لبنان بالمال الوفير الذي سيدره التنقيب عن النفط والغاز على الدولة ليخرجها من الانهيار المالي وينقذ السلطة السياسية من دوامة الاتهامات وتحمل المسؤوليات، بحيث ان الجواب اللبناني ان جاء ايجابيا على اقتراح الوسيط الاميركي يعني عمليا ابرام صفقة مع الحاكمين والمتحكمين والمتخوفين من العقوبات ومن كشف اسماء مهربي اموالهم للخارج ، وفي الوقت نفسه، صفعة للوطن والكرامة والحقوق المشروعة كما ثبتتها قيادة الجيش استناداً للقوانين والمواثيق المعتمدة دولياً.
انها فرصة لبنان الاخيرة لتحصيل حقه القانوني والتمسك به الى اقصى حد، تختم المصادر، فإذا كان الجيش اظهر الحقائق وحدد الحقوق الشرعية استنادا الى اعلى المعايير القانونية الدولية بعدما استعان بفريق قانوني متخصص من اهم المكاتب العالمية، وبذل جهودا جبارة في هذا الاتجاه، هل يجوز ان تسدد السلطة السياسية ضربة موجعة الى هذا الحد مرة جديدة للبنان واللبنانيين بعدما انهكتهم بارتكاباتها اللامتناهية وصفقاتها على حساب حياتهم ومستقبل وطنهم، فتتوج مساوئها ببيع حق لبنان “بثلاثين من الفضة”؟