يطرح تكرار الحديث عن هواجس لدى مرجعيات دولية وعربية على مستقبل لبنان، وحتى مخاوف بعضهم على “زوال لبنان” عن خارطة المنطقة، أكثر من تساؤل عن خلفيات وأبعاد ودلالات المواقف التي تصدر في الآونة الأخيرة ، لتعيد الساحة اللبنانية إلى عين العاصفة، وكأنه لا ينقص اللبنانيين بعد الإنهيار المالي وتحلّل المؤسّسات، سوى خربطة الوضع الأمني.
وفي هذا الإطار، أكدت معلومات مستقاة من مصادر مطّلعة، وجود مخاوف جدّية من حصول سيناريوهات أمنية لم تتّضح طبيعتها بعد، ولكنها تخفي في طيّاتها نوايا معيّنة ومشبوهة. وتعزو المعلومات أسباب هذه المخاوف إلى ثلاثة عوامل:
ـ العامل الأول، يتّصل بمفاوضات فيينا، حيث أن اللحظة الحالية تشير إلى وصول هذه المفاوضات إلى الأمتار الأخيرة، إذ في هذه المرحلة تكون الأمور خطيرة، بحيث لا يكون بإمكان أي طرف التكهّن بالأحداث التي من الممكن أن تحصل، والتي قد تأخذ منحىً تفجيرياً في أماكن معيّنة لإيصال رسائل معيّنة، تهدف إما إلى تسريع المفاوضات أو عرقلتها مثلاً، أو عرقلة الإتفاق، وعندها تتزايد المخاطر من أي تفجير محدّد لتمرير أمر ما، أو للتغطية على أمر ما، أو لإثارة غبار حول شيء ما.
ـ العامل الثاني، بحسب المعلومات نفسها، يتّصل بمفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، والمتوقّفة في هذه المرحلة، بانتظار ما ستحمله زيارة الوسيط الأميركي آموس أوكشتاين، ذلك، أن ما يجري على مستوى هذه المفاوضات لجهة ما إذا كان هناك من مشروع صفقة معيّنة لها علاقة بمفاوضات فيينا، وتقتضي تمرير الترسيم في لبنان، وبالتالي، سيكون من الصعب أن تمرّ عملية الترسيم “على البارد”، وحينها قد يشكّل هذا الملف عنواناً لتفجير في مكان معيّن من أجل تمرير الترسيم، والذي سوف يحدّ لدى حصوله من دور “حزب الله”، الذي توقّف من العام 2006 تحت عنوان “المقاومة”.
ـ أما العامل الثالث، تضيف المعلومات، وجود نية لدى البعض لتطيير الإنتخابات من خلال فوضى أمنية، أو فوضى مجتمعية، أو اغتيال سياسي.
وبالتالي، تابعت المعلومات، فإن لبنان والمنطقة ما بين وضعية متحوّلة على مستوى الشرق الأوسط، من خلال ما يحصل في فيينا من مفاوضات نووية، ومن خلال الترسيم في الجنوب، إذ أن إحدى الفواتير التي ستُدفَع من أجل إنجاح هذه المفاوضات، هو ما يمكن أن يحصل، لأن واشنطن تضغط لحصول هذا الترسيم، كما لإجراء الإنتخابات النيابية التي ستشكّل تحوّلاً على مستوى نقل الأكثرية من ضفّة إلى ضفّة أخرى، على غرار ما حصل في العام 2005، وبالتالي، فإن المخاوف تتركّز حول ما يمكن أن يحصل من أجل منع انتقال هذه الأكثرية، وهو ما يفسّر المخاوف الكبرى لدى المجتمع الدولي الذي يصدر المواقف المتتالية، وبشكل خاص بيانات مجلس الأمن، التي تركّز على قرارات الشرعية الدولية، تزامناً مع رسائل تحذير من أي محاولة لتفجير الوضع في لبنان.