يُعاني مرضى السرطان من سرطانَين أحدهما جسديّ وآخر نفسيّ. ففي “جهنّم”، لا أدوية ولا إمكانية لتلقّي العلاج إلا بـ”شقّ الأنفس”، وهذا إن توفّر!
الأدوية مفقودة بسبب الأزمة التي تنعكس على إنجاز المعاملات المالية والإدارية للحصول على اعتمادات لاستيرادها، كما أنّ العلاج يُكبّد المرضى مبالغ طائلة تصل إلى حوالى 4 ملايين ليرة لكلّ جلسة علاج كيميائي.
وهذا الواقع يخلق حالة من الذعر والخوف عند المرضى وذويهم، الأمر الذي ينعكس سلباً على مسيرة العلاج وعلى الصحة عموماً. إذ تُشير دراسات طبّية موثوقة إلى أنّ التوتر والإجهاد النفسي والضغط الذي يتعرّض له مريض السرطان، خصوصاً في لبنان بسبب الوضع المتردّي وانعدام الأمان، يتسبّب بانتشار الخلايا السرطانيّة في جسمه. وهذا الأمر يُقلّل من فرص الشفاء ويزيد من الخطر على المرضى.
ووجد الباحثون أنّ الضّغوط النفسيّة تؤدّي إلى شحن كبير وفائق للأوعية الدمويّة في الجسم ممّا يعزّز من حركة الخلايا السرطانيّة ويزيد من انتشار المرض في الجسم.
وفي هذا الإطار، توقّعت منظمة الصحة العالمية أن ترتفع حالات الإصابة بالسرطان بنسبة 60 في المئة في شرق المتوسط خلال العقدين المقبلين، ومن المرجّح أن تصل إلى 37 مليون إصابة جديدة في العام 2040. ووفقاً للمنظمة، يحتلّ لبنان المرتبة الأولى بين دول غرب آسيا في عدد الإصابات بالسرطان، قياساً بعدد السكان، إذ هناك 242 إصابة بين كلّ 600 ألف لبناني كلّ عام. وكان تقريرٌ سابق للمنظمة، قد ذكر أنّ 17 ألف لبنانيّ أصيبوا بالسرطان خلال عام 2018 فقط، وزادت مُعاناتهم مع اشتداد الأزمة الاقتصادية.
هكذا يُكافح مرضى السرطان في لبنان يوميًّا من أجل الاستمرار على قيد الحياة، ولا ييأسون. فبالإضافة إلى معاناتهم اليوميّة مع المرض وتداعياته، فإنّهم يعيشون الضغوط والمشاكل مثلهم مثل أيّ مواطن آخر و”يشحدون” ليتعالجوا.
عبءٌ كبيرٌ لا يمكن أن يتحمّله إنسان. يُعانون الأمرّين، كلٌّ وفق ظروفه ولا يلقون آذاناً صاغية أو التفاتة بسيطة من المسؤولين لتحسين أوضاعهم.
Ch23