صرخة مدوية أطلقها المودعون مؤخراً في وجه المصارف، اشتدت حدتها مع بداية الشهر الحالي بعدما استحقت رواتبهم ولم يتمكنوا من سحبها بالليرة اللبنانية تحت حجة للمصارف تقول إن هناك شحًّا نقديًّا بالعملة الوطنية في خزائنها، فاضطر عدد من المودعين أن يسحبوا أموالهم بالدولار وفق سعر منصة “صيرفة” بالرغم من أن هذه العملية لم تعد تفيدهم بعدما أصبح سعر صرف دولار “صيرفة” أكبر من سعر صرف الدولار في السوق الموازية.
هذا الأمر خلق جدلًا واسعًا بين المواطنين، إذ اعتبر بعضهم أن لدى المصارف أموالاً بالعملة الوطنية ولا تريد أن تعطيها للمودعين بعد انخفاض سعر صرف الدولار في السوق الموازية بشكل كبير وشبه تساويه مع سعر منصة صيرفة، في حين اعتبر بعضهم الآخر أن المصارف بالفعل لم يعد يتوفر لديها أموال بالليرة اللبنانية بعد التهافت الكبير للمودعين ليستحصلوا على أموالهم بالعملة الوطنية إذ أصبح سحبها بالدولار وفق سعر منصة صيرفة يضرهم .
وفي هذا الإطار، ألقت مصادر اقتصادية اللوم على المودعين بوصول المصارف إلى شح في العملة الوطنية، مشيرة إلى أن عددًا كبيرًا من المودعين أصبحوا يتعاملون كصرافين، معللًا ذلك أنه حين كان سعر صرف الدولار في السوق الموازية مرتفعاً أكثر من سعر منصة “صيرفة” عمد المودعون إلى سحب أموالهم بالدولار وتصريفها على سعر عالٍ، بينما اليوم نجد تهافتًا كبيرًا لسحب الأموال بالليرة وصرفها على الدولار بعدما انخفض سعر صرف الدولار بشكل كبير في السوق الموزية، مما أفقد المصارف مخزونها من العملة الوطنية.
من جهة مقابلة، أشارت مصادر اقتصادية أخرى إلى أن بعض المصارف تملك أموالًا نقدية بالعملة الوطنية لكنها كانت تلزم المواطنين مؤخرًا بالعمل وفق تعميم 161 وسحب أموالهم بالدولار وفق سعر منصة صيرفة خصوصاً وأنها تحقق أرباحًا من خلال هذه العملية إذ إنها تعطي أموال المودعين بسعر أعلى من سعر المنصة.
وردًّا على هذا الموضوع، أكد الخبير المصرفي نسيب غبريل أن “المصارف تتكلف الكثير ليكون بخزائنها عملة لبنانية”، مشيرًا إلى أنه مؤخرًا استنفدت الأموال النقدية اللبنانية التي تمتلكها المصارف فاضطرت الى شراء العملة الوطنية من السوق لكن المؤسسات التي تشتري منها استغلت الوضع وبدأت تطلب من المصارف الحصول على 20% عمولة على الأموال التي تشتريها المصارف، وهذا ما دفع مصرف لبنان إلى إصدار قراره الأخير الذي يتيح للمصارف سحب الليرة على سعر منصة صيرفة من دون سقوف”.
وأضاف غبريل: “بعد وصولنا إلى أول الشهر لم يكن بحوزة المصارف ليرة لبنانية فأصبح موضوع السحوبات فقط بالدولار ولكن صودف أن سعر صرف الدولار في السوق الموازية كان أقل من سعر صرفه على منصة صيرفة وحينها علت الصرخة ولكن لم يكن الامر مقصودا”.
وقال: “اليوم أصبح هناك عملة لبنانية متواجدة في المصارف ولكن كما هو معلوم عملية وضع الأموال على الـatm تأخذ وقتاً”.
يذكر أن مصرف لبنان مدد مفاعيل التعميم رقم 161 لغاية نهاية شهر شباط 2022 قابل للتجديد.