الجمعة, نوفمبر 22, 2024
الرئيسيةإقتصادهل يُبصر "الدولار اللبناني" النور؟

اضغط على الصورة لتحميل تطبيقنا للأخبار والوظائف على مدار الساعة 24/24

spot_img

هل يُبصر “الدولار اللبناني” النور؟

انضم الى قناتنا على الواتساب للأخبار والوظائف على مدار الساعة 24/24

spot_img

انضم الى قناتنا على التلغرام

spot_img

انضم الى مجموعتنا على الفيس بوك

spot_img

بين من يعتبرها حلاً، وبين من يراها تعميقا للأزمة، أصبحت «الدولرة» أمراً واقعاً في لبنان، وإن كان لا يزال غير معلن رسمياً حتى الآن.

فقد أصبح الدولار العملة المتداولة في عمليات البيع والشراء في كثير من القطاعات التجارية والصحيّة في لبنان، وأصبح الناس يفضّلون الإدّخار والقبض بالدولار، وهذا نتيجة التذبذب الدائم في سعر صرف الليرة مقابل الدولار الأميركي.

واقعياً، تعني «الدولرة» بيع كل السلع والخدمات بالدولار أو على سعر صرف السوق الموازية، فيما تعني علميا التوقف عن استخدام الدولة لعملتها الوطنية، واستبدالها بالدولار الأميركي أو عملات أخرى لمواجهة التضخم، وتوقع تحقيق أرباح نتيجة ارتفاع سعر الدولار أمام العملة الوطنية.

و»الدولرة» نوعان: غير الرسمية أو الجزئية والتي تلجأ إليها معظم البلدان النامية عندما تصبح قيمة العملة المحلية متقلّبة جدا، والشاملة حين تتخذ الحكومة قرارا رسميا باستخدام العملة الأجنبية حصرا في كافة المعاملات والديون والصفقات والعقود والرواتب، وتسحب عملتها الوطنية من التداول.

والسؤال المطروح: هل يمكن أن يتّجه لبنان نحو «الدولرة» الشاملة، وهل تشكل حلا للتفاوت الحاصل بين مداخيل الناس وأسعار السلع والخدمات؟ تعود «الدولرة» في لبنان إلى ثمانينات القرن الماضي، فهي ليست حديثة العهد ، ولطالما اعتبرها اللبنانيون الحلّ الوحيد لإنقاذ مدّخراتهم وقدرتهم الشرائية عند حدوث إنهيار مالي كالذي نمرّ به اليوم، فيما وصفها بعض خبراء الإقتصاد والنقد بالسياسة الثابتة التي اعتمدها المصرف المركزي والمصارف كذلك. أمّا نسبتها في الحسابات المصرفية في لبنان فوصلت إلى 80% في الـ2021، بعدما كانت 77% في تموز 2020، و66% في تموز 2019.

الخبير الإقتصادي باتريك مارديني أشار لـ «الديار» إلى أنّ لبنان بلد «مدولر» منذ ما قبل الأزمة الأخيرة، لافتا إلى أنّه يعتمد «الدولرة» الجزئية، حيث عمليات البيع والشراء ومعظم ودائع للبنانيين بالدولار.

وفي جولة على المحال والمراكز التجارية والصيدليات وسواها يتبيّن لنا أنّ جزءا منها يسعّر البضائع بالدولار، فيما يسعّر بعضها الآخر بالليرة اللبنانية، ولكن يبيع وفق سعر صرف الدولار اليومي.

في هذا، يقول مارديني إنّ لا أحدا يجبر الناس على الدفع بالدولار، وأنّ التجار يسعّرون بالليرة وفق سعر الصرف اليومي، ورغم أنّ التسعير والدفع يحصل باللبناني، إلا أنّ الجزء الأكبر من الأسعار «مدولر» عمليا وبشكل مبطن، فيما لم «تدولر» معظم الخدمات التي تعتمد على اليد العاملة، معتبرا أنّ الأسوأ من كلّ هذا، هو أنّ الأسعار ترتفع بإرتفاع سعر صرف الدولار ولا تنحفض بانخفاضه، ولذلك أسبابه الإقتصادية الخاصة.

واشار مارديني الى انه في الإستراتيجيات المالية للدول، عادة ما يتّخذ البنك المركزي في الدول النامية «الدولرة» كأداة لحماية العملة الوطنية من الهبوط في قيمتها، والحفاظ على اقتصاد الدولة واستقراره، وتقليل التضخم المفرط، ما يؤدي لتخفيض نسب الفوائد المحلية، ويجذب الأجانب للإستثمار ويحدث مزيدا من النمو. ويضيف بأنّ «الدولرة» تمكّن المواطن من الإدّخار بالدولار والحفاظ على أمواله وقدرته الشرائية في حال انهيار سعر صرف الليرة، كما تحمي التجار من الخسارة الناتجة عن تقلبات سعر الصرف، وتضمن إستمرارية الحركة الإقتصادية، مفضلا «الدولرة» الشاملة كونها تحمي الرواتب والأجور.

وأكّد أنّها حلّ ضروري لجميع القطاعات في الوضع الحالي، بحيث تصبح مداخيل ونفقات القطاع الخاص بالدولار، ما يضمن عدم تقلّب الأسعار يوميا، ويضبط فرق الاسعار بين محل وآخر، ويزيد الشفافية في طريقة التسعير، أما القطاع الرسمي الذي يعيش اليوم كارثة، فإنّ «الدولرة» تسمح له بتقاضي الضرائب والرسوم والتعريفات بالدولار وتغطية نفقاته ووقف تدهور ايراداته.

وأشار مارديني إلى أنّ الخطوات المطلوبة هي وضع الأسعار بالدولار ما يريح الناس، وتحويل الرواتب إلى دولار، لضمان عدم التأثّر بأي انهيار وعدم تآكل الزيادات بالتضخم، وسحب الليرة اللبنانية من التداول، من خلال شرائها من قبل المصرف المركزي وفق سعر منصة صيرفة بـ 4 أو 5 مليار دولار. ورأى أنّ الخاسر الوحيد في هذه العملية هو المصرف المركزي الذي سيقتصر دوره على الرقابة على المصارف، وسيفقد سلطته بإصدار الليرة لانتفاء إستعمالها في البلاد، لافتا إلى أنّ هناك عددا كبيرا من البلدان مرّت بأزمات شبيهة بأزمة لبنان، وكانت «الدولرة» الشاملة أحد الحلول التي استعملوها ونجحت.

أمّا الإشكاليات الأخرى لـ «الدولرة» ، وفق خبراء النقد ، فهي أنّها تحدث عجزا لدى الدولة في دفع الرواتب والأجور والنفقات المتوجبة عليها، فالدولة اللبنانية عند «الدولرة» لا يمكنها الاقتراض من أي جهة أجنبية لأنها متعثرة، كما أنّها تفقد الدولة التحكم في سياستها النقدية والتأثير في الأسواق، وتعيقها عن إتخاذ قرارات تتلائم مع أوضاعها المحلية لأّنّها ستكون تحت رحمة التقلبات التي تحدث في العملة الاجنبية وقرارات البنك المركزي الأجنبي .

ويعتبر الخبراء ان تخلي الدولة عن عملتها المحلية لصالح الدولار بمثابة ربط مصير العملة بالمصرف المركزي الأميركي، وما ينجم عن ذلك من تحكم بمعدلات الفائدة وسواها، فيما تمعن «الدولرة» على المستوى الفردي في مزيد من إنهيار القدرة الشرائية لمن يتقاضى راتبه بالعملة الوطنية.

تعتبر «الدولرة» في بعض الدّول أمراً مخالفاً للقانون، أمّا في لبنان، وإن كانت غير رسمية، فإنّها كانت ضرورية لإدخال الأموال الى البلد وإقناع المتمولين الأجانب بالإستثمار فيه.

المتخصصة في الإقتصاد النقدي في البلدان «المدولرة» الدكتورة ليال منصور أشارت لـ»الديار» الى أنّ لبنان بلد «مدولر» يستخدم الدولار وكأنّه العملة الرسمية، ولكن لا يعترف رسميا إلّا بالليرة كعملة وطنية، فيما يتم غضّ النظر والتعامل بالدولار واللبناني.

ولفتت إلى أنّه كلّما ارتفعت نسبة «الدولرة» كلما كان البلد في خطر، لأن ذلك يعني ارتفاع التداول بالعملة الأجنبية، التي لا يصدرها البنك المركزي ويتحكم بها ويضع فوائد عليها، ليعجز بالتالي عن السيطرة على الأموال في البلاد، ما يرتّب مضاعفة دوره، لا سيّما إن أصبحت المصارف تعطي قروضا «مدولرة»، وهذا يؤدي في البلدان «المدولرة» الى كارثة و»كريزا» ، أي الى أزمة نقدية كالتي نحن بصددها في لبنان.

هل يمكن تخفيض نسبة «الدولرة»، واعادة الاعتبار لليرة اللبنانية؟تجيب منصور أنّ أزمة لبنان هي أزمة مصرفية نقدية ومشكلة دولار لا مشكلة دين فقط، فاليابان من أكثر بلدان العالم مديونية، لكنها لم تنهار لان ديونها ليست بالعملة الأجنبية، وأضافت أنّ لبنان «مدولر» بأكثر من 75% ،ما يعني واقعيا أن عملته الوطنية هي الدولار وليست الليرة اللبنانية التي تشكل أقل من 25%.

وشرحت بأنّه عندما تكون نسبة «الدولرة» كبيرة، فلا يمكن تخفيضها والعودة للوراء، مؤكدة أنّ الحل الوحيد في الأزمات الإقتصادية للبلد «المدولر» هو اعتماد الدولار كعملة رسمية أي «الدولرة» الشاملة، أو إعتماد currency board وهي عملة جديدة نسخة عن الدولار، يمكن أن يكون اسمها «الدولار اللبناني» أو «دولار الأرزة»، أو دولار «الميدل إيست» أو «الدولار العربي»، مشيرة إلى أنّ «الدولرة» الشاملة سبق واقترحه صندوق النقد الدولي منذ سنة 1994، إنّما بقي لبنان يقاوم هذه الخطوة 30 عاما ما أوصلنا إلى الأزمة الحالية .

هذه الآراء المؤيدة لـ «الدولرة» كحل علمي، تقابلها نظريات إقتصادية تعتبر «الدولرة» مسكنا موضعيا يزول مفعوله عند أيّ خضة في موطن الدولار الأصلي، ما سيلقي بتبعاته السلبية على اقتصادنا الهش، لتبقى الحقيقة العملية، هو أنّ لبنان «مدولر» منذ ٣٠ عاما، والخيار الأصوب هو تطبيق آليات تضمن ملاءمة «الدولرة» لنظامنا المالي والإقتصادي والإجتماعي، وتجنيب اللبنانيين مزيدا من الضغوط، ومزيدا من فقدان الدولة لسيادتها النقدية.

فهل من آذان صاغية؟

Ads Here




مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة