في ما بدا أول مؤشّر “جدّي” على إجراء الانتخابات في موعدها المقرّر في شهر أيار المقبل، أطلق “حزب الله” ما يمكن وصفها بـ”حملته الانتخابية”، وإن آثر إرجاء إعلان “تفاصيلها”، من الشعار إلى البرنامج الذي بات “جاهزًا”، وصولاً إلى التحالفات، التي يُعتقَد أنّها لا تزال قابلة “للأخذ والردّ”، رغم أن عناوينها العريضة تبقى “ثابتة” حتى إثبات العكس
.
وعلى جري العادة، تولى نائب الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم مسؤولية الملف الانتخابات، حيث أكّد خلال رعايته احتفالاً أقامه الحزب في بلدة البازورية، جنوب لبنان، أنّ الأخير “متحمّس” للانتخابات، بل إنّه يعتبرها “محطة ضرورية لإخراج لبنان من انسداد الأفق الذي وصل إليه”، كاشفًا عن بدء التحضيرات “الحزبية” للاستحقاق منذ أربعة أشهر.
لكن، رغم ذلك، قلّل قاسم سلفًا من شأن النتائج المتوقعة للانتخابات، فقال إنّ أيّ تغيير ستفرزه سيكون “محدودًا”، كاشفًا أنّ استطلاعات رأي ودراسات بيّنت أنّ نتائج الانتخابات ستكون قريبة من تركيبة المجلس الحاليّ، “مع تغييرات طفيفة لا تؤثر على البنية العامة لهذا المجلس”، رافضًا بذلك فرضيّة أنّ البرلمان “سيتغيّر رأسًا على عقب” بنتيجة الانتخابات المقبلة.
حزب الله “متحمّس”
هكذا إذًا، أعلن “حزب الله” في أول إطلالة “انتخابية” له، أنّه “متحمّس” للانتخابات، وبالتالي “مستعدّ” لها. قد تكون تلك إشارة “إيجابية” بالنسبة إلى “المشكّكين” بحصول الانتخابات، الذين يتوجّسون من “نوايا مبيتة” لتطييرها وتأجيلها، وإن كانت غير كافية بالنسبة إلى كثيرين، ممّن يذكّرون بأنّ كلّ القوى السياسية كانت تجزم بأنّها لن تقبل “التمديد” للبرلمان في السابق، وسارعت إلى التصديق على القانون، متى أصبح جاهزًا.
مع ذلك، ثمّة من يعتقد أنّ “جهوزية” الحزب، وهو الطرف “الأقوى” في المعادلة عمليًا، قد تعني الكثير، خصوصًا إذا ما تبيّن أنّه ليس لديه ما يخسره، طالما أنّه “مطمئنّ” إلى واقعه السياسي والانتخابيّ، فرغم أنّ بيئته الحاضنة “تأثّرت” بالأزمة السياسية والاقتصادية، وبعضها “نفر” من أدائه في بعض المحطّات، إلا أنّها تبقى الأكثر “التفافًا” حول القيادة، مقارنة مع العديد من القوى والأحزاب التقليدية الأخرى.
ويقول البعض إنّ قيادة “حزب الله” لا تزال مقتنعة بقدرتها على “اجتذاب” المناصرين، بمن فيهم أولئك “المتحفّظين” على الأداء السياسيّ، وهو ما ستأخذه بعين الاعتبار في الحملة الانتخابية، التي ستعيد عناوين المقاومة “الجامعة” إلى الصدارة، وقد “تستحضر” في ذلك مسألة “نزع السلاح” التي أعيدت إلى الواجهة في الآونة الأخيرة، محذرة بذلك من “مخططات ومؤامرات” قادرة على “استثارة” المناصرين المبتعدين.
ماذا عن التحالفات؟
وإلى جانب عنوان السلاح والمقاومة، الذي لا شكّ سيكون حاضرًا في الحملة الانتخابية لـ”حزب الله”، فإنّ “القوات اللبنانية” ستحضر أيضًا، وهو ما بدأ عمليًا في حديث الشيخ نعيم قاسم، الذي شنّ هجومًا على الحزب “الإلغائي”، وفق وصفه، والذي “لا يصلح لتمثيل حالة شعبية تستطيع أن تبني وطنًا”، مجدّدًا الحديث عن “تاريخ إجرامي” لـ”القوات”، حيث ” اغتالوا أفراداً وقيادات من شارعهم ليبقوا وحدهم”، وفق قوله.
ويبدو الهجوم على “القوات” على هامش إطلاق الحملة الانتخابية لـ”حزب الله” مفهومًا برأي كثيرين، ولا سيما من يعتقدون أنّ “الهاجس الأول” للحزب يبقى احتمال أن تنتزع “القوات” صدارة الساحة المسيحية من “التيار الوطني الحر”، ولذلك فإنّ الحزب يجد أنّ خوض معركة “التيار”، رغم كلّ التباينات والاختلافات معه، يبقى أوْلى وأهمّ من خوض معركته الشخصية “المضمونة”، إن جاز التعبير.
في المقابل، ثمّة في صفوف “التيار” من يخشى أن يذهب “الحزب” بعيدًا في معركة “شيطنة” حزب “القوات”، بما يؤدّي إلى نتيجة “عكسيّة”، تمامًا كما حصل في الخطاب الشهير للأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله بعد حادثة الطيونة الشهيرة، حيث خصّص أكثر من ساعة كاملة للهجوم على “القوات”، فإذا به يقدّم بذلك “هدية مجانية” لها، وفق رأي كثيرين جزموا أنّ باسيل كان أكثر “الخاسرين”، بدليل تلويحه بعد ذلك بـ”فكّ التفاهم” مع الحزب.
بدأ العدّ العكسي للانتخابات. كلام “حزب الله” عنها مؤشّر واضح، معطوفًا على رفض رئيس الحكومة الحديث عن “مقاطعة”. قد لا يعني ذلك أنّ الانتخابات حاصلة لا محالة، بدليل التجارب اللبنانية السابقة، التي لا تُحسَم قبل اللحظة الأخيرة. لكنّه على الأقلّ مؤشر على دخول البلاد أجواء الانتخابات أخيرًا، انتخابات قد يكون لها دور أساسيّ في إخراج البلاد من “الانسداد” الذي هي فيه، وهذا على الأقلّ ما يأمله الكثير من “المراهنين” عليها!
المصدر: لبنان 24