لا يبدو طلب سلفة الكهرباء المدرجة في المادة 13 من “فرسان” مشروع موازنة 2022 أمراً غريباً في الشكل. فلطالما مررت الحكومات والمجالس النيابية المتعاقبة سلفات خزينة مماثلة من دون التدقيق الفعلي في أوجه صرفها. لكن في المضمون الوضع اليوم مختلف، ليس بسبب قيمة السلفة طويلة الأجل التي تصل إلى 5250 مليار ليرة فحسب، إنما لمخالفتها أبسط متطلبات إصلاح القطاع.
لكن المشكلة تكمن في استمرار حالة الانكار وعدم معالجة أسباب أزمة الكهرباء الحقيقية المستمرة منذ سنوات. فالمشكلة ليست في الانتاج إنما في التوزيع. وطالما لا نعالج نسب الهدر المرتفعة جداً، فان زيادة الكمية الموضوعة على الشبكة والسلفة المعطاة لتمويلها ستضيعان كما ضاعت مليارات الدولارات قبلهما، من دون أن نصل إلى نتيجة”.
في المقابل فان الانتهاء من سبب المشكلة الرئيسي المتمثل بالهدر يتطلب حلاً من إثنين:
– ضرب الدولة بيد من حديد وإزالة كل التعديات عن الشبكة وتحصيل المتأخرات. وهذا أمر مستبعد، لانه ببساطة لا توجد دولة.
– إزاحة عبء التوزيع عن كهرباء لبنان وتلزيمه للقطاع الخاص. حيث تقوم الشركات الخاصة بشراء كميات الجهد العالي high voltage بسعرها الحقيقي من كهرباء لبنان وتتكفل بتوزيعها وجبايتها من المواطنين. وهذا الأمر يخفض الهدر من 40 في المئة إلى 5 في المئة فوراً.
المطلوب إذاً ليس سلفة للكهرباء، إنما “وضع الإصبع على الجرح، والبدء أقله بأولى الخطوات الإصلاحية المتمثلة بالهيئة الناظمة”، برأي العبدالله، “فمن الخطأ مقاربة أزمة الكهرباء بالعقلية القديمة نفسها مع بعض مساحيق التجميل التي لا تهدف إلى أكثر من تأمين القليل من الساعات وصولاً لتاريخ الانتخابات النيابية، وتوقع نتيجة مختلفة”.