كما كان متوقعاً خرج الرئيس سعد الحريري او على الاقل علّق حياته السياسية، فسار بعيداً عن «لعبة» الجميع، وتحت عبارة «كلن يعني كلن» بعد ان فضحت كل الامور، لتشكل ما يشبه إقفال بيت الحريري سياسياً، اقله خلال ما يقارب العام اعتباراً من يوم امس، وحتى آخر الخريف المقبل اي بعد وصول رئيس جديد للجمهورية، وعندها يكون الحريري خارج كل» الفبركات « التي تحملّها منذ سنوات، وتحديداً مع بداية العهد الحالي، الذي انتج له اكثر بكثير من الحلفاء، الذين تحوّلوا الى أعداء.
الامر الذي جعل الرئيس الحريري وحيداً وسط مجموعة لا تشبهه، وصولاً الى إتخاذه القرار الابرز يوم امس من بيت الوسط، مستهلاً كلمته بـ « أستودع الله سبحانه وتعالى هذا البلد الحبيب لبنان وشعبه الطيّب، واُعبّر من كل جوارحي عن شكري وامتناني لكل الذين تعاونوا معي خلال الفترة الماضية».
هكذا إستذكر الرئيس سعد الحريري عبارات والده الشهيد رفيق الحريري التي اطلقها قبل سنوات، ليستودع بدوره لبنان الحبيب خلال كلمة مفصلية، اعلن خلالها عزوفه عن خوض الانتخابات النيابية، وتعليق عمله في الحياة السياسة وعمل تيار المستقبل، بعد تأكده من غياب أي فرصة ايجابية في لبنان بظل النفوذ الايراني، والانقسام الداخلي والغياب الكليّ للدولة، طالباً من تيار المستقبل إتخاذ الخطوة عينها، أي عدم الترشح للانتخابات النيابية.
وذكّر بأنّ التسويات التي جرت اتت على حسابه، وهو الوحيد الذي استجاب لثورة 17 تشرين فقدّم إستقالته، وطالب بعد انفجار 4 آب بتشكيل حكومة اختصاصيين لتنتشل البلد.
تعليقاً على كلمة الرئيس الحريري، اشار نائب رئيس تيار المستقبل الدكتور مصطفى علوش، خلال حديث لـ «الديار» الى انه تفاجأ بإعلان الحريري الخروج من الحياة السياسية، اذ لم يعد يستطيع البقاء وسط مجموعة لا تشبهه، لذا فضّل البقاء خارجها، لانه لا يستطيع المشاركة في هذه «اللعبة».
وعن خطورة بقاء تيار المستقبل خارج المجلس النيابي، قال علوش: « هنالك خطورة بالطبع، لكن لم يستطع تيار المستقبل تحقيق خطوة ايجابية واحدة، بسبب محاربتهم له، اذ كان الرئيس الحريري يتلقى اللكمات دائماً، ويُمنع من تحقيق أي إنجاز بسبب تصدّيهم له، مما يؤكد ان خياره منطقي».
وحول حصول مقاطعة سنيّة للانتخابات من قبل مناصري الحريري، دعا الى انتظار ما سيتخذه رؤساء الحكومات السابقون عن إمكانية ترشح بعضهم او عدمه، ورأى بأنّ المقاطعة ستؤدي الى إنخفاض الحاصل بالتأكيد، مما يعني فرص فوز النائبين فؤاد مخزومي وفيصل كرامي على سبيل المثال.
وعن كيفية رؤيته للمشهد السياسي في ظل غياب الحريري، دعا مجدّداً الى الانتظار، ورأى بأنّ موقف الرئيس الحريري كان حزيناً خصوصاً حين إستذكر والده الشهيد، وقال: «الله يحميه، وذكرى 14 شباط قادمة، وانطلاقاً من هنا اتحدى أي مسؤول او زعيم ان يخطو خطوة الرئيس الحريري ويتخذ هذا الخيار الشجاع الذي يحتاج الى رجل بكل ما في الكلمة من معنى».
وبدوره لفت عضو كتلة المستقبل النائب نزيه نجم خلال حديث لـ « الديار» الى اهمية وجود الرئيس الحريري في العمل السياسي، اذ لا احد يستطيع إنكار انه يمثل طائفة كبرى اعطاها الكثير، وبالتالي هو صمّام امان لكل الطوائف في لبنان لانه رجل الاعتدال، فهو لا يحمل ضغينة تجاه احد، ويحترم كل الناس ويتعامل مع الجميع وفق الاصول. مشيراً الى انّ الرئيس الحريري يشعر بـ «القرف»، اذ لم يتعامل معه احد من الكتل النيابية كما يجب، بل كانوا عديمي الوفاء معه من دون إستثناء احد، من المقرّبين والبعيدين، وهذا مؤسف جداً مع شخص وفيّ مثله.