أوضح المحلّل السياسي على الأمين أننّا “لن ندخل في أسباب الإنسحاب والإنكفاء والتعليق، ولكن على الأقل هناك بُعد “هجومي” في قرار الرئيس سعد الحريري تعليق المشاركة في العمل السياسي، ولا يعكس بالضرورة الكلمة الدقيقة للإنكفاء، لأنه ينطوي على موقف من الانتخابات النيابية أولاً التي يقول إنه لا يريد المشاركة فيها ويدعو كل من ينتمي الى “تيار المستقبل” لعدم المشاركة”.
وقال الأمين في حديثٍ لـ”ليبانون ديبايت”: “سعد الحريري بهذه الخطوة وجّه أيضاً رسالة للمنظومة الذين منهم الأصدقاء ومنهم الخصوم، هو يهدّد هذه المنظومة بمعنى أنه أنا قدّمت لكم أكثر بكثير مما أعطيتموني في المعادلة السياسية، لذلك نحن نرى أن أكثر المستائين هم تركيبة المنظومة. كما أنه برسالة باتجاه أنه يُهدّد هذه المنظومة ويأخذ خطوة مواجهة ولو أخذت بُعداً سلبيا وهو بُعد الإنكفاء والتي هي مواجهة أيضاً”.
أضاف: “هو يُرسمِل على المستقبل، بمعنى أن هذا المسار الذي تسير فيه المنظومة والسلطة أصبح هو خارجه، وبالتالي يحاول حتى أن يتخفّف من أعبائه، وكأنه يريد القول أنا شريك فيه ولكن لست مقرّراً لذا الإنكفاء عن هذه المنظومة أفضل لي، وفي الوقت عينه هذا الأمر يفتح باب أن تيار المستقبل الموجود في السلطة طيلة الفترة الماضية كان تياراً في قلب السلطة، وإذا افترضنا أنه منذ الآن أو بعد الانتخابات أن التيار معارض وخارج السلطة، هذا الأمر بحدّ ذاته يعطيه فرصة ليستعيد توازنه وتنظيم صفوفه من موقعٍ جديد ليس بالضرورة أن يكون موقع السلطة، خاصة أنّ هذه السلطة شئنا أم أبينا لم تعطِ سعد الحريري مكاسب بل خسر ثروته، تاليا ربما هو يرى أنه قد يكون خارج السلطة والمنظومة ومجلس النواب أقوى مما هو داخله، والدليل على ذلك أنه خلال السنوات الأربع الماضية كان واضحاً أن سعد الحريري الحلقة الأضعف”.
وإعتبر الأمين أن ما حصل “إختبار وتحدّي لتيار المستقبل ولسعد الحريري وهو وضع نفسه فيه. هذا الأمر يفتح له أفق جديد ليُعيد صوغ رؤيته ووجهة تياره في المرحلة المقبلة، وليختبر حقيقة تيار المستقبل في نفوذه ودوره في الداخل اللبناني، هل هو تيار سُنّي، تيار لبناني، هذه أسئلة عندما يوضع في الاطار السنّي يبقى لديه دائرة أوسع من الدائرة السنيّة”.
وأشار إلى أن “أكثر المُربكين في هذا الموقف هم أقطاب المنظومة الذين يُفضّلون دائماً وجود المنطق الذي عمِل “حزب الله” على ترسيخه خلال الفترة الماضية أن هناك طائفة وهناك زعيم لها وتُختصر الطائفة بالزعيم (والهدف أنه إذا خرج حزب الله من السلطة وكأن الشيعة خرجوا منها وليس الهدف سعد الحريري)، وجاء سعد الحريري وكسَر هذه القاعدة، بعد أن تم تشويه فكرة الميثاقيّة وتمت إدارة الوضع فيها، أي أن يقوم طرف بتعطيل مجلس الوزراء وعشنا هذه الأزمة على مدى 15 عاماً من تشكيل الحكومات وغيرها، بالتالي “خربط” سعد الحريري لعبة “حزب الله” بهذا القرار و”قلب الطاولة”. وأنا ضد الفكرة التي تقول أن ما جرى سيحبط السُنّة وبرأيي السُنّة باقون ومستمرّون لا يحبطهم ذهاب شخص أو بقائه”.
وعن رفض الشارع السُنّي لخطوة الحريري، قال الأمين: “هذا موقف طبيعي ومفهوم فهناك تيار واسع يمثّله، لكن رغم هذا الرفض لا أعتقد أن ذلك سيؤدّي الى إضعاف الموقع السُنّي، لأن هناك فكرة خطيرة في لبنان عمل عليها الرئيس ميشال عون أكثر وهي فكرة الزعيم الأوحد، ولعلّ أحد إيجابيات قرار سعد الحريري إبراز التعدديّة داخل البيئة السنيّة، لأن من شأن ذلك أن يؤدي الى انتقال العدوى لدى باقي الطوائف”، ووفقاً للأمين فإن “التعددية داخل الطائفة السنيّة تُضعِف الأحادية الشيعية”.
وعن تقييمه لما حصل، إعتبر الأمين أنها “فرصة لنهضة تيار المستقبل، كما يقولون إنتفاضة داخلية يقودها سعد الحريري وهي قوّة للتيار”، مذكّراً بأن “سعد الحريري كان في السلطة ولديه أكبر كتلة نيابية وحضور ولم يمكّنه كل ذلك من فعل أي شيئ بالإستراتيجيا. وأنا متأكّد أنه سيكون خارج السلطة أقوى مما هو داخلها”.
وتابع: “برأيي هو لم يقطع الأمل وسيبقى له دور في السياسة من خارج دائرة السلطة، وهذا عامل قوّة له فهذه المرة الأولى منذ فترة طويلة يكون فيها تيار المستقبل خارج السلطة. ونلاحظ أنه في العام 2000 عندما كان الرئيسسعد الحريري خارج السلطة عاد بقوّة، بالتالي قد تكون إيجابية على الوضع العام”.
”لا يجب أن تؤثّر خطوة الحريري على موعد الانتخابات”، بحسب الأمين الذي أشار إلى أنه “بمعزل عن قرار الحريري كانت هناك شكوك دائمة عن احتمال عدم حصولها أو حصول تطوّر أمني يؤدّي الى إلغائها ولكن من الناحية الدستورية لا مانع من حصولها ولا أرى أن ما جرى يشكّل ذريعة لتأجيلها أو إلغائها”.
ورداً على سؤال، أجاب الأمين: “بالنسبة لتيار المستقبل والوضع السُنّي والوضع الوطني العام خطوة الحريري إيجابية وستعطي دفعاً نوعياً، لأنه دائماً ما تمّ استغلال سعد الحريري لترسيخ وضع غير سويّ”.