مازالت قضية المواطن اللبناني عبد الله الساعي، الذي استعاد أمواله بقوة السلاح من مصرف وسط البلد، مستمرة.
فبعد قرار النيابة العامة ضبط المبلغ ومداهمة منزل المتهم، استنكرت “رابطة المودعين” الأمر، واعتبرته غير قانوني تماماً.
وفي الإطار، أوضحت المحامية دينا أبو زور، من الرابطة، والتي تولّت الدفاع عن الساعي، لـ”العربية.نت”، أنه لا يحق للنيابة العامة استرجاع الأموال، لأنها سلطة ملاحقة، وإصدار بلاغ بحث وتحرٍ بحق زوجته هرطقة قانونية، لأنها تعتبر ما حصل متأتيا عن جرم وهذا غير صحيح.
ونفت أبو زور المعلومات المتداولة أن موكّلها دخل إلى المصرف وبحوزته قنبلة مهدداً الزبائن، وأوضحت أنه كان يحمل مسدساً وطلب من الزبائن بهدوء مغادرة المصرف وأن يبقى فقط المدير ونائبه وأحد الموظفين من أجل إتمام عملية استرجاع أمواله، وهو ما حصل فعلاً.
عِبرة لغيره
كما أشارت إلى أن المصارف تريد أن تجعل من عبد الله الساعي “عِبرة” لغيره من المودعين كي لا يقدموا على استرجاع حقوقهم، متوقعة أن يتطوّر ملف الساعي نحو الأسوأ، لأن المنظومة انتظرت فرصة كهذه من أجل جعل الساعي “عِبرة” لغيره من المودعين في حال تجرّأوا على استرجاع أموالهم.
وأكدت أن رابطة المودعين ستستمر بهذه القضية حتى النهاية مهما كانت نتيجة الادّعاء.
اعتبروه جرماً.. وأمروا بضبط المبلغ
جاء ذلك بعدما أوضح المكتب الإعلامي لمجلس القضاء الأعلى، أنه على إثر الحادثة التي وقعت بتاريخ 18/1/2022 في فرع بنك بيروت والبلاد العربية في منطقة جب جنين، أصدر النائب العام الاستئنافي في البقاع، وفقاً لأحكام القانون، إشارة بضبط المبلغ الذي تم الاستحصال عليه تحت التهديد، من فرع البنك المذكور، وذلك لحين البتّ في مسألة تسليم المضبوطات من قبل المرجع القضائي المختص.
وأمرت النيابة العامة الاستئنافية بضبط مبلغ 50 ألف دولار كونه ناتجا عن جرم، سيما وأنه حصل عليه بعد اتّخاذه موظفي المصرف رهائن، وبعدما رش مادة البنزين على الأفراد وفي أرجاء المكان مهدداً بإضرام النار، كما جاء في قرارها.
فتوجّهت قوّة من الدرك إلى منزل عبد الله الساعي في بلدة كفريا البقاعية لضبط المبلغ، إنفاذاً لأوامر النيابة العامة، إلا أن الزوجة الأجنبية اختفت مع المبلغ فصدر بحقها بلاغ بحث وتحرٍ.
حصل على أمواله وسلّم نفسه
يذكر أن المواطن اللبناني عبدالله الساعي، من منطقة جب جنين في البقاع الغربي، تمكّن من الحصول على ودائعه المالية البالغة 50 ألف دولار باقتحام فرع “بنك بيروت والبلاد العربية” في المنطقة، محتجزاً عدداً من موظفي البنك بقوة السلاح.
وعقب الحصول على الأموال وإعطائها لزوجته التي كانت تنتظره خارج المصرف، سلّم الساعي نفسه للقوى الأمنية التي كانت موجودة في المكان.
وأثارت تلك الحادثة ضجّة في لبنان، قوبلت بعدها بدعم ناشطين وضعوها في إطار “استرجاع الحق” ولو بالقوّة، وذلك بسبب ممارسات المصارف التي تحتجز أموال المودعين دون وجه حق، وفقدت قيمتها الفعلية، لاسيما الدولارية منها نتيجة انهيار الليرة مقابل الدولار.
“أُجبر على ذلك”
في سياق متصل، أكد والد عبدالله، علي الساعي لـ”العربية.نت”، أن ابنه أُجبر على القيام بفعلته بعدما تراكمت ديونه ولم يعد باستطاعته دفع بدل إيجار محله في منطقة قبّ الياس في البقاع الغربي.
وأشار إلى أن عبدالله كان يعمل في فنزويلا بلد زوجته، وأقفل مصالحه هناك بعد أن انهارت العملة وعاد إلى لبنان ووضع جني عمره في المصارف ليجد أنه هرب من جحيم ليسقط في جحيم أكبر، وفق قوله.
كما أكد أن ابنه استرجع حقه لا أكثر ولا أقل، موضحا أن المصارف سرقت جني عمر الناس.
جمعية المصارف تُدين
من جهتها، دانت جمعية مصارف لبنان أعمال العنف بكافة أشكالها وتحت أي ظرف، معتبرة أن محاولة القتل أو حتى التهديد بحرق الموظفين وهم أحياء لا يمكن تبريرها أو قبولها مهما كانت الأسباب.
كما رأت أن استرداد الودائع، كل الودائع وهي حقوق لكل اللبنانيين، لا يتمّ عبر القيام والتحريض بأعمال جرمية، وإنما عبر خطة تعافٍ شاملة تنهض بالبلد، مؤكدة أنها تعمل بحسب القوانين المالية المحلية والعالمية، فلا سرقة للأموال ولا استغلال للودائع، إنّما الأزمة الحالية هي نتاج سنوات من سوء إدارة الدولة عبر العجز والهدر والفساد الذي لا يُخفى على أحد، وفق قولها.
يذكر أن الساعي يحتجز في مغفر بيادر العدس في البقاع الغربي وكان من المُفترض أن يُنقل إلى مغفر زحلة إلا أنه تعذّر ذلك بسبب سوء الأحوال الجوّية.
ووفق المعلومات، فقد بدأ الشاب إضراباً عن الطعام الأربعاء، إلى حين الإفراج عنه.
ومنذ أن بدأت أزمة المصارف، لجأ عدد من اللبنانيين إلى خيارات “مشروعة” لتحصيل أكبر قدر ممكن من حقوقهم من المصارف التي دفعت بدورها إلى استخدام كامل صلاحياتها التي يُجيزها لها القانون.
وما يؤكّد أن أموال المودعين لا تزال موجودة لدى المصارف، فإن الساعي وبحسب المحامية أبو زور طلب منه مدير المصرف التوقيع على ورقة باستلامه أمواله كاملةً ما يؤكد الإقرار بحقه.