بعد أن قرر الثنائي الشيعي فجأة الافراج عن مجلس الوزراء، انطلقت في الاوساط السياسية، سريعا، عملية البحث والتنقيب عن خلفيات هذه الخطوة وأسبابها، فربطها البعض بالتطورات الاقليمية وبمفاوضات فيينا خصوصاً، واعتبرها البعض الآخر مرتبطة بالوضع المعيشي الشديد الخطورة في الداخل والذي ما عاد حزب الله وحركة امل قادرين على تحمله سيما في شارعهما.
لكن بغض النظر عن هذا النقاش، حيث ان موقف الثنائي نتاج مزيج من العوامل المحلية والاقليمية، مع ترجيح كفة المعطى الاقتصادي المالي، فإن مصادر سياسية معارضة تقول لـ”المركزية” أنّ ما يجب تبيانه في الأيام القليلة المقبلة هو ما اذا كان قرار الحزب والحركة تم حبياً، بالتفاهم والتنسيق مع بعبدا، ما يعني فتح صفحة جديدة بينهما سيما بين القصر والضاحية، وطي مرحلة التوتر التي سادت بينهما في المرحلة السابقة… أمّ أنّ الموقف الشيعي أتى من باب “التحدي” إذا جاز القول، والرد على حملة العهد ضد الثنائي، والتي حمّلته تبعات شل مجلس الوزراء وتداعياته اقتصاديا وماليا من انهيار الليرة وصولاً الى عرقلة خطة الانقاذ والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، في قرار عنوانُه: أفرجنا عن مجلس الوزراء، الآن أسمعونا سكوتكم وتفضّلوا الى الانقاذ و”فرجونا” واللبنانيين إنجازاتكم!
فاذا كان تراجع الثنائي حصل وفق السيناريو الأوّل بأجواء مودة واتفاق ونتاج تسوية ما مع الفريق الرئاسي، فإن جلسات الحكومة خصوصاَ والمرحلة المقبلة عموماَ، ستكون سلسة وهادئة سياسياً أو أقله خالية من السجالات الحامية.
أمّا في الحالة الثانية، تُتابع المصادر، فالوضع لن يكون وردياً. فالخلافات ستتجدد سريعاً، قبل الجلسات الوزارية، من بوابة رفض رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تقييد الثنائي الشيعي جدول أعمال المجلس، معتدياً بذلك على صلاحياته وصلاحيات رئيس الحكومة، بعدما قيد هو عمل المجلس النيابي من خلال فرض شروطه لفتح دورة استثنائية، اي اننا سنكون امام مادة سجالية جديدة بين اهل الحكم، وستؤثر هذه الاجواء المشحونة، بطبيعة الحال، على نقاشات مجلس الوزراء في الموازنة وأرقامها (خاصة ان وزير المال يوسف الخليل محسوب على حركة امل) وفي الملفات الاخرى التي سيبحث فيها، ما سيحوّل طاولة الحكومة حلبة صراع وعربة يجرّها أكثر من حصان كلٌّ في اتجاه.
حتى اللحظة، الصورة ضبابية ولا جواب واضحاً في شأن حصول اتفاق – صفقة بين العهد والحزب (إذا تم، ما هي بنوده؟ تعييناتية قضائية انتخابية؟)، أو عدم حصوله… لكن المعطيات والمواقف في الساعات المقبلة ستزيل الغموض. وعسى ألّا تنتقل البلاد من مرحلة الخلافات من فوق السطوح الى مرحلة خلافات على الطاولة الوزارية وترجمة سياسة النكايات والتحدي…