رغم أن القوانين اللبنانية تمنع تسعير السلع والخدمات بغير العملة الوطنية، بات القسم الأكبر من التجار وموزعي الخدمات في لبنان يسعرون بالدولار الأميركي، ويعرضون الدفع بالعملة المحلية وفق سعر صرف السوق السوداء أو بـ«الفريش دولار»، ما يشكل كابوساً لغالبية اللبنانيين، بالنظر إلى أن أكثرية العاملين في لبنان يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية التي فقدت قيمتها مع تخطي سعر صرف الدولار الواحد في الساعات الماضية عتبة الـ31 ألف ليرة لبنانية.
ويطرح كل ذلك علامات استفهام كبيرة حول التوجه لنظام الدولرة الشاملة الذي يشجعه قسم من الخبراء الماليين ومنهم الباحثة في الشأنين الاقتصادي والمالي والأستاذة الجامعية الدكتورة ليال منصور التي تعتبر الدولرة الشاملة ممتازة لبلد كلبنان متى تم تنظيمها واعتمادها بشكل رسمي، منبهة من أن «تركها كما هو حاصل حالياً بحيث تفرض نفسها بشكل عشوائي، أمر سلبي جداً ويفاقم الانهيار».
وتكشف منصور لـ«الشرق الأوسط» أنه «في عام 1994 نشر صندوق النقد الدولي دراسة نصح فيها باعتماد الدولرة الشاملة في لبنان ولكن لأسباب سياسية رفض الاقتراح، وهو ما نخشى أن يتكرر اليوم». وتضيف: «بعد الحرب لجأ لبنان لتثبيت عملته وقد كان في ذلك الوقت حلاً للأزمة، لكن الفشل على مر السنوات الماضية بالحفاظ على العملة وتقويتها وضعنا اليوم أمام خيارين لا ثالث لهما: إما تحرير العملة وهو ما يؤدي لانهيار دائم أو اعتماد الدولرة الشاملة وهي رغبة يفترض أن تصدر عن الدولة اللبنانية ويتلقفها صندوق النقد الذي لا شك لن يسير فيها مع الحكومة الحالية إنما من خلال حكومة جديدة تشكل بعد الانتخابات النيابية، علماً بأن اعتماد هذا النظام يعني الاستغناء عن السياسات النقدية وعن المصرف المركزي».