يبدو أن كل الاجواء الايجابية التي سادت في الأيام الماضية بشأن عودة اجتماعات مجلس الوزراء قد بدأت تتبدّد في ظلّ استمرار التعطيل من قِبل “الثنائي الشيعي”، إذ إن كل المعطيات تشير الى أن الثنائي لا يزال على موقفه من قضية المحقق العدلي القاضي طارق البيطار مُتعامياً عن الانزلاق الخطير الذي يهدّد استقرار لبنان.
من الواضح أن “حزب الله” بات يفضّل خسارة تحالفاته على قرار التراجع عن مواقفه، الامر الذي ظهر جلياً للتيار “الوطني الحر” الذي يبدو أنه قد أحجم عن حملته السياسية والاعلامية ضدّ الحزب بعدما تبيّن له عدم قدرته على إحراجه وإعادته الى مجلس الوزراء أو دفعه للتمايز عن “حركة أمل” في بعض الملفات، وبالتالي أصبح التلويح بفكّ التحالف “مش مزحة”، رغم تبدّل ظروفه، واللعب على حافة الهاوية، وإن كان بهدف استنهاض القواعد الشعبية، قد يضع التيار “البرتقالي” في مرمى سهام الخسائر اللامحدودة
!
ترى مصادر سياسية مطّلعة أن كل المبادرات التي انطلقت في مرحلة سابقة على خطّ حلحلة عقدة البيطار لا تزال تدور في حلقة مفرغة، حيث أن “حزب الله” يتشبّث بمعادلة وحيدة (البيطار مقابل الجلسات الحكومية) إذ إنه يعتبر أن عودته الى الحكومة اليوم تهدّده سياسياً لأنه سيظهر أمام الرأي العام، قبيل الانتخابات النيابية، بصورة المتراجع عن احدى مطالبه السياسية الأساسية، ما قد يُحسب عليه “هزيمة” أمام مبدأ “الالتزام بالقانون” ورفض “الاستنسابية والكيدية” وما الى ذلك من اتهامات عديدة رفعها الحزب مراراً بوجه البيطار.
لعلّ “الثنائي الشيعي” لا يفضّل الذهاب نحو إجراء انتخابات نيابية في ظلّ التعطيل الحاصل، لكنّه في الوقت نفسه يهرب من تسجيل انكسار سياسي علني، من هنا فإن البحث مستمر عن مخارج مناسبة أساسها تحييد القاضي طارق البيطار عن ملفّ “مرفأ بيروت“، ولربما كان حديث النائب جبران باسيل في هذا الشأن ربطاً ببيان “التيار الوطني الحر” السابق، دليلاً على أن التيار يرغب بملاقاة الحزب في هذه النقطة شرط ألّا تكون ممرّاً إلزاميا لعودة الحكومة، لأنه لا يستطيع تحمّل هذه “المسايرة” أمام الرأي العام المسيحي.
لكنّ التيار وجد نفسه أمام ضغوطات جدية، إذ إنه يرغب حتماً باستئناف جلسات الحكومة الا انه في الوقت عينه يدرك أنه سيكون امام خلاف كبير على التعيينات مع مكونات الحكومة وبالتالي قد يلجأ هو أيضاً الى تعطيلها لذلك قد يكون التيار رأى أن الشلل الحكومي اليوم يتحمل مسؤوليته “حزب الله” وحيدا في حين أن مساهمة الأول في التعطيل ستشكّل له أزمة حقيقية علماً أنه يرغب بالتعيينات لكنه موقنٌ بأنه لن يحصل على كل التعيينات المسيحية التي يطمح لها
.
أمام كل هذه المعطيات، يبدو أن مجلس الوزراء سيبقى معطلاً حتى إشعار آخر في ظلّ تخطي سعر صرف الدولار عتبة الثلاثين الف ليرة واستمرار التدهور الاقتصادي والمعيشي بدرجات غير مسبوقة في المشهد اللبناني الامر الذي يهدد أيضاً التفاوض مع صندوق النقد ويضع ملف استجرار الكهرباء وتحسين الواقع الخدماتي في دائرة الخطر بعدما أصبح ملف تحسين النسبة لواقع الأجور للقطاع العام في لبنان في خبر كان!