انطلق عام 2022 بوصول سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي الواحد إلى عتبة الثلاثين ألفا، بالإضافة إلى بدء الحديث عن تعديل سعر صرف الرسمي من 1507 ليرات الى 3 احتمالات يتمّ النقاش حولها هي 3000 او 6000 او 9000 ليرة.
ويعتقد البعض أن الارتفاع الرهيب لسعر الصرف هو أمر طبيعي، بسبب استمرار التعطيل الحكومي، الذي أدى إلى تجميد الإجراءات الإصلاحية التي ينتظرها صندوق النقد والمجتمع الدولي.
وعليه، أكثر ما يتساءل حوله الناس اليوم.. هل قرار رفع السعر الرسمي سيكون الحلّ الأنسب للجم هذا الانهيار المدمّر للعملة الوطنية؟
نظريًا، تعمَد المصارف المركزيَّة الى رفع سعر الصَّرف الرسمي بهدف خفض حجم العمليَّات على السّوق الموازية عبر تضييق هامش الأسعار. أمًا في لبنان فهذه الخطوة غير قادرة حتَّى على تضييق الهامش بين سعر الرسمي والمنصة، في الوقت الذي يزداد فيه الهامش بين سعر المنصة وسعر السوق الموازية بفعل الكثير من العوامل والأفعال، هذا ما يوضّحه الباحث في الشؤون المالية والاقتصادية والأستاذ الجامعي البروفسور مارون خاطر.
البروفسور خاطر، وفي حديث لـ”الشفافية نيوز”، يلفت إلى أن زيادة السعر الرسمي قد تنجح في البلدان التي تستطيع تحديد العرض والطلب لديها في سوق القطع.
ويسأل البروفسور خاطر كيف ينجح هكذا تدبير في لبنان والبلد غير قادر على تحديد العرض والطلب على الدولار إن كان على مستوى السوق الدَّاخليَّة التي تزدهر بسبب الدولرة شبه الشاملة للإقتصاد، أو على مستوى التعاملات الخارجيَّة؟
ويشدد على أن لبنان ضحيَّة سوق موازية متفلِّتة يحكمها التهريب ويحميها النافذون من أصحاب القرار وهي كفيلة بجعل رفع السعر الرسمي دون أي فائدة.
في سياق متَّصل، يشير البروفسور مارون خاطر الى وجود عامليَن إضافيَّين إثنين يمنَعان نجاح هذا القرار:
الاول، عدم قدرة المصرف المركزي على التدخل في سوق القطع مدافعًا عن أي سعر صرف يحدده.
والثاني وجود تطبيقات تعبث بسوق القطع وبسعر الصرف عن بُعد، وهي تتمتع أيضًا بغطاء من فاسدين من أصحاب النُّفوذ.
وردَّا على سؤال عن جدوى رفع السعر إن تزامن مع إقرار سلة إصلاحات، أجاب البروفسور خاطر أنَّ تحسّن سعر الصرف قد يشكل نتيجةً لوضع البلد على سكة التعافي وهو بالأساس ليس سبب المشكلة لينطلق منه العلاج.
فإقرار خطة للتعافي الاقتصادي تساعد في استعادة الثقة، وفق خاطر، التي تنعكس تلقائيًا على الطلب على الدولار وعلى السوق الموازية مما يسمح بتوقف إنهيار العملة.
ويختم البروفسور خاطر حديثه مشدِّدًا على أهمية الدَّفع الجدّي للتفاوض مع صندوق النَّقد الذي سيفرض إصلاحات تكافح التهريب والفساد وهي ستأتي في إطار خطّة إقتصاديَّة شاملة لا تشبه الخطوات الترقيعية” والإلهائيَّة التي تحرف النظر عن اساس المشكلة كما عن علاجاتها الحقيقية.
المصدر : الشفافية نيوز – داني الكرشي