كتبت لبنى عويضة في “سكوبات عالمية“:
مآساي، ظلمات ونفق مظلم، اقتصاد منهار، عملة تتدحرج نحو الدرك الأسفل، جوع، مرض، فقر مدقع، موت على أبواب المستشفيات، وصراع من أجل البقاء على قيد الحياة، كل هذا ما هو إلا ملخص لأحداث سنة 2021.
سياسياً، افتتح عام 2021 بفراغ حكومي بالرغم من الحرص على تشكيل حكومة مستعجلة لتضع حداً للأزمات التي أغرقت لبنان، وبعد انتظار أشهر طويلة، اعتذر سعد الحريري عن تشكيل الحكومة، وتم تشكيل حكومة أخرى برئاسة نجيب ميقاتي والتي استحوذت على الكثير من الأخذ والرد قبل الاتفاق على المحاصصة، والتي كان من المفترض أن لا تتضمن الثلث المعطل، إلا أن الواقع فرض نفسه في بلد تحكمه الميليشيات، ومن هنا تشكلت حكومة ميقاتي لإرضاء مختلف الأفرقاء السياسيين، إلا أنها كانت بعيدة كل البعد عن إرضاء الشعب اللبناني، وبدلاً من أن تبرهن نيتها على العمل الجدي وتحسين الأوضاع، اختتم العام بتعطيل جلسات الحكومة واجتماعاتها، كما اتجه وزير الإعلام جورج قرداحي للإدلاء بتصريحات زلزلت علاقات لبنان الخارجية وتحديداً علاقته مع دول الخليج كافة، وانهالت عليه الطالبات بالاستقالة، وبعد اصراره على تمسكه بحقيبته الوزارية، رضخ قرداحي للاستقالة.
اقتصادياً، بدأ عام 2021 برفع الدعم عن معظم السلع، والتي لم يكن أمامها إلا ارتفاع أسعارها خاصة مع ارتفاع سعر صرف الدولار، حتى أن طعام الفقير وهو “الخبز” قفز قفزة مريعة، إذ بداية العام كانت ربطة الخبز تبلغ 2.000 ليرة، لتصل في ختام السنة إلى ما يفوق الــ 10.000 ليرة.
أما الحديث عن سعر صرف الدولار فحدث ولا حرج، إذ افتتح عام 2021 بسعر صرف بلغ 9.000 ليرة للدولار الواحد، وطرق عتبة الـ30.000 في منتصف السنة، أما ختامها فكان بحدود 28.000 ليرة مقابل كل دولار.
ولا بد من الإشارة إلى أزمة البنزين والغاز والمازوت، حيث عرّضت اللبنانيين لأبشع أنواع الذل التي مرت بتاريخ لبنان، إذ وقف المواطنين بطوابير امتدت لمئات الكيلومترات، وأجبر البعض على لقضاء ليالٍ أمام محطات المحروقات في سبيل الحصول على ليترات من المحروقات، وبرزت تجار السوق السوداء لهذه السلعة اللأساسية، وظهر التفلت الأمني على المحطات، فحصدت أرواح العديد من المواطنين، إضافة لانفجار خزان محروقات في منطقة التليل- عكار الذي راح ضحيته العشرات، واضراب أصحاب المحطات، وختام العام كان برفع جزء من الدعم عن المحروقات، مما أسفر عن ارتفاع أسعارها بشكل هستيري.
بالمقابل ظهرت أزمة القطاع الكهربائي الذي هو بطبيعة الحال مهترئ، فقد بدأ تقنياً قاسياً ووصل إلى تغذية كهربائية لا تتجاوز ساعتيت في اليوم، وفي بعض المناطق تمتد لأيام من الظلام الدامس، وأمام هذا الوضع ارتفعت فاتورة المولدات الكهربائية التي تجاوزت قيمة كل فاتورة الحد الأدنى للأجور.
وأزمة أخرى شهدها المجتمع اللبناني وهي “التعليم”، إذ لاقى هذا القطاع إضرابات وتعطيلات جمّة راح ضحيتها التلامذة، فبين التعليم عن بعد والتعليم الحضوري، ضاع مستقبل الطلبة ويبدو أنه آخر هم سواء للوزير أو الأساتذة.
وحتى القضاء لم ينجو من الأزمات، فكان أبرزها سنة 2021 هو التحقيقات في تفجير مرفأ بيروت، وشهد هذا الملف الكثير من الضغوطات التي مورست ضد قاضي التحقيق طارق بيطار تحديداً، في محاولة لتسكير الملف وطمس العدالة.
أما اللافت سنة 2021 هو التفلت الأمني الذي لم يحدث سابقاً في لبنان حتى خلال الحرب الأهلية، وم هنا انتشرت الجرائم بشكل مروّع، والسرقات والاحتيال والقتل والعديد من الأحداث التي خلفت ضحايا بالمئات ويمكن بالآلاف، ووضع أمني متزعزع ومهترئ.
كل ما سبق وأزود ما هو إلا ملخص لعام 2021 والتي جاءت بنتيجتها ارتفاع معدلات البطالة والهجرة التي لم يسبق لها مثيل، والفقر والجوع…
ولا يزال المواطن اللبناني على قيد الحياة، يحلم بواقعاً أجمل، محباً ومقبلاً على العيش بفرح وبحبوحة، على أمل أن تكون سنة 2022 أقل مأساوية ودموية لشعب مقبل على الحياة والفرح، وكل عام واللبنانيون بألف خير.
المصدر: سكوبات عالمية – لبنى عويضة