كثيرة هي الأسئلة التي تزدحم عادة في رؤوس اللبنانيين عند بداية سنة جديدة ونهاية سنة منصرمة. ومن بين هذه الأسئلة ما هو مهم وما هو أهمّ. الأهمّ بالنسبة إلى الجميع همّ واحد لا ثانٍ له. كيف ستبدأ هذه السنة، وهل ستكون شبيهة بالتي سبقتها أم ستؤول الأمور فيها إلى الأحسن والأفضل، أمّ أنها ستكون اسوأ من السنوات السابقة، التي كانت بمعظمها سيئة جدّا، وبالأخصّ السنوات الخمس الأخيرة.
والسؤال الأهمّ أيضًا هو كيف ستنتهي الأزمة المتفجرة منذ سنتين، وأي مخارج ستسلك؟
لا شك في أن الأزمة كبيرة بتشعباتها وخطوطها المتداخلة سياسيًا واقتصاديًا، داخليًا وخارجيًا. هذه الأزمة واصلة الى نهايات إستثنائية وتغييرات في النظام، كما يقول العارفون. والمعادلة تتحدّد طبيعتها لاحقًا إمّا بتسوية مرحلية وتعديلات في النظام، وهذا ما أشار إليه رئيس الجمهورية في آخر كلمة له، وإمّا بتسوية كبيرة من خلال ما يُعرف بـ”المؤتمر التأسيسي” كما يطالب به “حزب الله”، أو الحياد وفق نظرية البطريرك الراعي، أو اللامركزية الموسّعة التي يجمع عليها معظم اللبنانيين، او الفيدرالية التي تبقى لدى البعض رهانًا مطروحًا.
هذا الإتجاه لا تحدّده فقط عوامل داخلية، كما بات معروفًا، بل تحكمه عوامل خارجية.
في الواقع، فإن التساؤلات الداخلية تكمّلها تساؤلات خارجية تفوقها أهمية، وأولها هل تنتهي مفاوضات فيينا الى إتفاق نووي جديد أم تنتهي الى فشل وإلى لا قرار، أم تراوح مكانها في دائرة المناورة وتقطيع الوقت حتى الإنتخابات الأميركية النصفية؟
ففي ضوء هذه النتيجة يتحدّد مسار الأوضاع في لبنان والمنطقة، إما في اتجاه التسويات الكبرى وإمّا في اتجاه الحروب الصغرى. ولبنان معني في الحالين، وقد يكون مسرحًا من مسارح الحرب إذا وقعت، وجزءًا من التسوية وبندًّا فيها إذا حصلت. فإذا صعد الدخان الأبيض من فيينا ودخلت المنطقة في التسويات، فستكون النتيجة الأولى في المنطقة وقف حرب اليمن على أساس إتفاق سعودي ـ إيراني، يكون من نتائجه عودة السعودية سياسيًا واقتصاديًا الى لبنان، وستكون نتيجته الأولى الوصول الى إتفاق على ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، ودخول لبنان نادي الدول النفطية في المنطقة. أما في حال فشل المحادثات وانتقال العلاقة الأميركية ـ الإيرانية مجدّدًا من ضفة المفاوضات الى ضفة المواجهات، فإن عملية خلط واسعة للأوراق ستحدث في المنطقة، وسيتلقّى لبنان تبعاتها ونتائجها.
فمع بداية سنة 2022 يبدأ العد العكسي لنهاية عهد الرئيس ميشال عون الذي بدأ تحت عناوين وأهداف كثيرة وانتهى الى خيبات أمل كبيرة. وقد يكون السبب الرئيسي لهذا الفشل، كما يقول “العونيون”، تحالفه مع “حزب الله”، الذي لم يساعده كما يجب في ردّ الحملات عنه.
فمع بداية السنة الجديدة يبدأ العد العكسي لتحالف عون مع “حزب الله” الذي يقف عند عتبة سنة مفصلية، حيث أن الركيزة الأساسية فيها هو الإستحقاق الرئاسي. فالرئيس عون لا يخفي رغبته في أن يرى النائب جبران باسيل في قصر بعبدا خلفًا له، ويتطلع لحسم هذه المسألة والحصول على تعهّد نهائي من “حزب الله. ولكن الحزب لن يعطي مثل هذا التعهّد هذه المرّة كما فعل سابقًا، وإن فعل فهو لن يقدم على ذلك إلا متأخرًا، لأن الأمر خاضع لظروف ومعادلات إقليمية تتحدّد بعد مفاوضات فيينا، ولحسابات داخلية تضعه عمليًا بين خياري سليمان فرنجية وباسيل. فهل يستطيع إختيار أحدهما من دون التضحية بعلاقته مع الآخر، وهل يستطيع التوفيق بينهما، ولكن الأهم من كل ذلك هل لا يزال “حزب الله” قادرًا على فرض الرئيس الذي يريده؟
لا شك في أن سنة 2022 ستكون سنة إنتخابية بإمتياز، ويُعتقد أنها ستكون سنة بداية النهايات إلاّ إذا دخلت على الخطّ عوامل خارجة عن إرادة اللبنانيين، وهذا ما شهدناه في فترات سابقة متقطّعة.
وعلى رغم كل ذلك لا نزال نأمل خيرًا.
lebanon24