قد تكون عبارة “كم بلغ سعر الدولار اليوم” هي التي رافقت اللبنايين على مدار العام 2021، حيث ارتفع سعر الصرف في السوق السوداء (المعتمدة في كل ما يدفعه المواطن يوميا) اكثر من ٢٥ الف ليرة لبنانية… والانهيار ما زال متواصلا!
في موازاة ذلك تعدّدت أسعار الصرف، من الدولار المصرفي الى صيرفة… في حين بقي ما يسمى بسعر الصرف الرسمي مستقراً عند حدود 1507 – 1515 ل.ل… فمتى يحرر السعر بشكل نهائي، وما هي السلبيات؟
يميز خبير مالي – اقتصادي، عبر وكالة “أخبار اليوم” بين دور الحكومة ودور مصرف لبنان في تحديد سعر الصرف، شارحا ان تحديد السعر من مسؤولية الحكومة، اما الحفاظ عليه فمن مسؤولية “المركزي”، الذي يطبق سياسة السلطة، ولكن الدولة عملا باستقلالية المصرف المركزي لا يحق لها ان تتدخل في طريقة التطبيق.
ويذكر الخبير ان سعر الصرف هو من صلب السياسات الحكومية، وتستند عليه في خوض الانتخابات، والجميع يذكر الحملات الانتخابية التي خيضت تحت عنوان استقرار سعر الصرف
وفي هذا السياق، ينتقد الخبير عينه “التخبيص” الحاصل، حيث الجميع بات يفهم في التعاميم الصادرة عن مصرف لبنان وخلفياتها، فيعلق عليها سلبا او ايجابا، وهذا ما له تأثير سلبي على استقلالية المصرف المركزي الذي ينفذ سياسة معينة بعد ان يضع الهدف لذلك، والا “تُعاقب” العملة الوطنية.
ويضيف: “في المطلق مصرف لبنان هو المسؤول عن تنفيذ السياسة الحكومية، وبالتالي اي تعديل في سعر الصرف الرسمي هو قرار حكومي وليس شيء آخر، موضحا ان الحكومة لا يمكنها ان تعطي رقما بشكل عشوائي، بل هذا الرقم يحدد انطلاقا من معطيات علمية توضع في ميزان دقيق”.
ردا على سؤال، يوضح الخبير عينه ان التوجه واضح نحو تحرير سعر صرف الدولار الرسمي، فرئيس الحكومة نجيب ميقاتي كما حاكم مصرف لبنان رياض سلامة اوضحا في اكثر من اطلالة ان سعر 1507.5 ل.ل للدولار لم يعد رقما واقعيا، قائلا: لكن السؤال كيف سيتغير؟ وهل سيكون من خلال توحيد الاسعار؟ وما هي الآلية وما هو السقف؟
وهنا يتابع الخبير المالي: “عمليا القرار يمكن اتخاذه بجلسة حكومية واحدة، من خلال وضع سعر موحد مع هامش متحرك، هذا ما يطلق عليه “تعويم موجه”، اي وضع سعر وضبطه بهامش، وحين يتم تخطي الهامش يحصل التدخل. صحيح ان هذا ما كان يقوم به سلامة، ولكن الفرق اليوم ان هناك برنامجا اصلاحيا سيفرضه صندوق النقد الدولي، وبالتالي قرار توحيد سعر الصرف يجب ان يتزامن مع الاتفاق مع الصندوق”.
ولكن، يلفت الخبير المالي والاقتصادي ان رفع سعر الصرف الرسمي سيلحق الضرر بكثيرين لا سيما من يدفع القروض بالدولار وراتبه بالليرة اللبنانية، والرقم ليس صغيرا بل هو نحو 15 مليار دولار ديون على شكل قروض، كما ان رفع سعر الدولار الرسمي سينعكس على العديد من اسعار السلع والخدمات، لذلك الى جانب الاتفاق مع صندوق النقد لا بد ايضا من برنامج مع البنك الدولي من اجل دعم فئة من هؤلاء المقترضين.
واذ يحذر من ان اي عملية لتوحيد سعر الصرف من دون برنامج مع صندوق النقد هي “تخبيص بتخبيص”، يقول الخبير المالي: بما ان المعنيين يعون هذا التخبيص فيحاولون استعمال الاسلوب الآخر من خلال رفع السعر الجمركي وسحب الودائع، لتقترب الاسعار من بعضها البعض تدريجيا فيتم توحيد سعر الصرف، منتقدا اداء الطبقة السياسية التي لا يمكن في ظلها الوصول الى اية نتيجة، آسفا الى انه لا يوجد امّ الصبي من بين اطراف هذه السلطة، فقد تم استباحة كل شيء!
الى ذلك، يذكر الخبير انه قبل الازمة كانت الليرة اللبنانية من اقوى العملات في الشرق الاوسط، ونسبة حجم الاحتياط من العملات الاجنبية الى الناتج المحلي الاجمالي كانت ايضا من الاكبر.
وما الذي اوصلنا الى هنا؟ يجيب انها الطبقة السياسية، منتقدا القرار بوقف دفع سندات اليورو بوندز، وسائلا: الم يكن ذلك متعمدا، اذ يبدو ان هناك مخططا لضرب لبنان، وقد تم التسهيل له من باب الانهيار.
ويتابع: اليوم التصحيح ليس سهلا، لان سعر الصرف بحدود 1500، كان على اساس توازن معين، لا يمكن العودة اليه اليوم، خصوصا في ظل عدم الثقة بهذه الطبقة السياسية.
ويختم: الحق الذي لا يعطى لسلامة هو انه يعمل على القطعة في المعالجات لانه لا يستطيع ان يفعل سوى ذلك.
المصدر عمر الراسي – وكالة اخبار اليوم