البطريرك والرئيس: هذا العنوان السياسي في عيد الميلاد. فالبطريرك الماروني بشارة الراعي حدد الخطوط العريضة للخطوات السياسية التي يراها واجبة. أما الرئيس فاستمهل حتى يوم الإثنين المقبل ليضع النقاط على الحروف، كما قال.
حزب الله وحيداّ؟
وما دار بين البطريرك والرئيس كان في غاية الأهمية. وأهميته في حاجة رئيس الجمهورية حتى يوم الإثنين ليحدد موقفه. لكن لا أسرار في لبنان.
فثمة من سيسرّب مضمون اللقاء، فيتخذ حزب الله موقفه على أساس ما تسرّب، إضافة إلى كلمة البطريرك التي دعا فيها رئيس الجمهورية إلى ضرورة رفع غطاء الشرعية عن كل من يسيء لوحدة الدولة والشراكة الوطنية. وهذا مضاف إلى سوابق البطريرك في دعوته لاعتماد مشروع حياد لبنان سياسة لاستعادة توازنه وموقعه في العالم العربي.
ولا بد لحزب الله أن يعلم أنه المقصود في هذا الكلام، فيخرج بخلاصة واضحة، عنوانها: “حجم الضغوط المسيحية” التي يتعرض لها رئيس الجمهورية لفك تحالفه معه. وبالتالي إبقاء حزب الله وحيداً. وهذا ما لا يريده على الإطلاق.
معايدات تجدد العلاقات
فحزب الله على قناعة راسخة بأن تحالفه مع عون وتياره محكوم بحبل سرّي لا مجال لقطعه. فكل من الطرفين في حاجة إلى الآخر. لذلك لم يستعجل عون الكلام من بكركي، وفضل الانتظار حتى يوم الإثنين. وعلى الأرجح هو ينتظر اتصال معايدة من أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، يعيد فتح خطوط التواصل السياسي بينهما، ويمهد للقاء. كذلك ينتظر جبران باسيل اتصال معايدة أو زيارة تهنئة بالعيد، فتكون مناسبة للدخول في نقاش سياسي حول آفاق العلاقة بين الطرفين.
ولم يشأ عون اتخاذ موقف قبل هذه الاتصالات. وهذه حال باسيل الذي منح حزب الله مهلة أوسع حتى يوم الإثنين الذي يلي عيد رأس السنة، وليس عيد الميلاد. ولعلّ هذه الأيام الفاصلة تتكفل بإيضاح صورة العلاقة السياسية بين الطرفين.
يعلم حزب الله وعون وباسيل، أن هناك محاولات كثيرة داخلية وخارجية تسعى إلى استنساخ تدهور العلاقة بين حزب الله والرئيس ميشال سليمان في السنة الأخيرة من عهده. فحينذاك وصف سليمان معادلة حزب الله الثلاثية: “الجيش والشعب والمقاومة” بالمعادلة الخشبية، ووقع الخلاف إلى حد الخصومة والقطيعة وصولاً إلى العداء. وهذا ما لا يريد حزب الله تكراره مع عون، ولا يريد عون ولا باسيل الوقوع فيه، وخصوصاً أنهما يتلفتان حولهما فلا يجدان أحداً من الحلفاء.
الحلف الثلاثي على لبنان
أشد ما يصدع العلاقة السياسية بين حزب الله وعون وباسيل هو عدم اتفاق الطرفين على آفاق المرحلة المقبلة. فعون يريد الحصول على موقف واضح من الحزب في شأن ما بعد انتهاء ولايته، وما إذا كان حزب الله جاهزاً لدعم باسيل للوصول إلى بعبدا. لكن حزب الله يفضل الانتظار. فهو أكثر من يستثمر في الصبر ويتجنب الدخول في مشروع سياسي غير واضح المعالم، وخاضع لمتغيرات كثيرة في الداخل والخارج.
أما عون فلا يمتلك متسعاً من الوقت الذي لدى حليفه الشيعي. وبقدر حفاظه على علاقته بحزب الله، يريد الحفاظ على أبوابه مفتوحة على الولايات المتحدة الأميركية، وكذلك على دول عربية.
وفي انتظار الإثنين وما تحمله الساعات من اتصالات ولقاءات سياسية، لا بد من أن يكون لدى عون فكرة أخرى: عدم خسارته أياً من الأوراق التي يمكنه استخدامها، ولو اضطر للتواصل مع دمشق، ومع بشار الأسد شخصياً في مناسبة عيد الميلاد، أو لدى تلقيه برقية أو اتصال تهنئة من قصر المهاجرين، فيرد بالشكر وبطلب من الأسد أن يساعده، فيتوسط له مع حزب الله.