تعد رواية “دون كيشوت” للأديب العالمي، ميغيل دي سرفانتس، إحدى أهم الأعمال العالمية وهي تحكي “قصة رجل يصل به الهوس لمحاكاة دور الفرسان الذين يحاربون المخلوقات العملاقة، واتباع نهجهم، فامتطى فرسا هزيلا، ودرعا وسيفا، ثم ذهب ليتجول للبحث عن المغامرات، وسافر بخياله، الا أن بدا يهاجم طواحين الهواء والاغنام وكأنها وحوش عملاقة لابد وأن يقضي عليها. لكن كيشوت كان يعلم بأن ما يفعله بلا جدوى، بل وأن ما يحارب من أجله إنما هي أوهام
“.
مَنْ استمع الى “دون كيشوت الجمهورية اللبنانية” وهو يدلي بدلوه امس، إعتقد للوهلة الاولى ان المتكلم قدم حديثا الى لبنان من بلاد بعيدة ولا علم او دور له باي أمر حصل سابقا.
ومما قاله “دون كيشوت لبنان” بالامس: “لا تظنن أننا صدقنا المسرحية التي رأيناها البارحة في عين التينة، نحن نعرف بعضنا جيدا”، في استعارة واضحة لقول شعبي نستعير الجزء” اللائق” منه” شيلي اللي فيك وحطيه فيي”
ولان اللبنانيين يعرفون بعضهم جيدا ، وجيدا جدا، لا بد من اضاءات سريعة على كلام” دون كيشوت لبنان”:
لا تظنن ان اللبنانيين يصدقون مسرحية “حقوق المسيحيين” التي تتخذها شمّاعة كلما وجدت نفسك مزروكا في موسم الانتخابات. فبفضلك وبفضل “ادائك من خلف الكواليس الرئاسية” واحيانا بشكل ظاهر، تحوّلت شريحة كبيرة من اللبنانيين ومن ضمنهم المسيحيون الى مهاجرين يائسين يبحثون عن ملاذ في اي مكان في العالم
.
لا تظنن ان اللبنانيين نسوا “شهور العسل والتسويات” التي انتهت بالطلاق بعد الخلاف على الحصص والمغانم.
لا تظنن ان المغتربين يصدقون انك لا تنام الليل وانت تفكر في كيفية اعطائهم حقوقهم واعادتهم الى وطنهم، وهم مدركون حتما انك لا ترى فيهم سوى دجاجة تبيض “ذهبا عدديا وماليا” لعل الفوز يكون حليفك في زمن ” قانون انتخابي” بات اوسع من القياس الذي ساهمت في تفصيله سابقا.
لا تظنن ان احدا صدق او سيصدّق “هذه المعلّقة” التي ادليت بها وستكررها ولا تتقن سواها.
اوقف “حرتقاتك” واترك أهل القرار يسعون لحل قضايا الوطن وينشلون الشعب من الحفرة التي وجدوا انفسهم فيها.
آن لك أن تقتنع أن بضاعة” ما خلّونا” باتت كاسدة، وان الجميع يترقبك تنادي على نقيضها عندما يقترب موسم التحالفات الانتخابية.
إرحم الناس والوطن وقد بات أهله يبكون حسرة على واقعهم.
كفّ شرّك عن الناس واتعظ.
المصدر: لبنان 24