في حين يعدّ الاهتمام بالقطاع الزراعي ودعمه ركناً أساسياً من أركان تحويل الاقتصاد اللبناني من الريعي إلى المنتج، خصوصاً وأن لبنان يمتلك المقوّمات التي تخوّله تنشيط الزراعة فيه، ما يساعده على الخروج من مأزقه الاقتصادي، لا يزال القطاع متروكا لمصيره على كلّ المستويات، ولا تقتصر تداعيات هذا الواقع على القضاء على ما تبقّى من أركانه، لا بل ترتدّ النتائج سلباً على المواطن الذي لم يعد قادراً على تأمين الخضار والفاكهة الأساسية بسبب الأسعار الكاوية. فهل تشهد الأسعار مزيداً من التحليق؟ وما مصير القطاع في العام المقبل؟ وهل تكبّد العاصفة الحالية المزارعين خسائر وأضرارا؟
رئيس تجمع المزارعين والفلاحين في البقاع ابراهيم ترشيشي يشير إلى أن “الزراعة في أفضل حلّتها هذين اليومين لأن المزارعين فرحون بتساقط الأمطار، وهذه الشتوة جاءت بعد جهد جهيد، رغم أننا لا نزال تحت المعدّل المطلوب للمياه المفترض أن يبلغ 400 ملم في تل العمارة، وحتّى أوّل من أمس كان المعدّل 88 مم أي ينقصنا حوالي 300 مم، ومقارنةً مع السّنة الماضية كان المعدّل 250 مليمترا، ما يؤشّر إلى النقص الكبير في المياه. على أمل أن يضاف الى المخزون حوالي 60 مليمترا خلال اليومين الماطرين”.
ويلفت إلى أن “الأضرار من الشتاء في البقاع قليلة جدّاً لأن الأمطار تهطل والصقيع جاء في موسمه، البيوت البلاستيكية على السواحل قد تتأثّر. وعند انتهاء العاصفة سنتفقّد الأضرار الزراعية، على أمل ألا تكون عواقب العاصفة وخيمة”.
ويوضح ترشيشي أن “التصدير اليوم قليل جدّاً وتدنّى بنسب كبيرة مقارنةً مع الفترات السابقة لأنه يقتصر على أصناف مخزّنة منها العنب والتفاح وجزء من الحمضيات، وعادةً أقلّ كمية تصدّر خلال هذه الفترة من السنة وتستمرّ فترة الركود هذه حتّى الأولّ من أيّار ليستعيد التصدير قوّته من جديد. اليوم التركيز على السوق المحلّية والعرض ليس كبيرا ليؤثّر على انخفاض الأسعار، كلّ الأصناف غالية الثمن راهناً بسبب المطر وفي البرد لا تعطي النبتة ثمراً كثيراً، وهذا الأسبوع سنسمع صرخة حول ارتفاع الاسعار”.
وعلى أبواب السنة الجديدة، ينقل “خوف المزارع من المستقبل لأن كلفة الإنتاج الزراعي العام المقبل ستكون أغلى بأضعاف من الكلفة الحالية وموسم الـ 2021 لأن المازوت مثلاً كان بـ 3 أصبح بـ 13$، بذور البطاطا كانت بـ 400 اليوم بـ 850$، الأسمدة الكيميائية كانت بـ 500 صارت تفوق الـ 1000 $. لذا، يقلق المزارع من المجهول وعدم قدرته على تحصيل رأسماله، مثلاً هذه السنة حتّى ضمان الأرض تم تقاضي ثمنه بالدولار النقدي، هذه عوامل كلّها ترفع كلفة الإنتاج وتلقائياً أسعار المنتجات الزراعية”.
ويختم ترشيشي “المشهد متوقّع أن يكون سوداوياً، وستكون سنة قاسية على المزارعين تنتزع منهم رأسمالهم الذي دفعوه بالدولار الكاش ولا نعرف كيف يمكن استعادته”.