لا تُخفي المرجعيات السياسيّة العديدة مخاوفها من وصول الأمور إلى حائط مسدود، خصوصاً أن مسار الظروف بات يجنحُ أكثر نحو السلبية المفرطة.
وسط المشهدية القائمة، يعتبرُ ضبط الأمن أولوية في ظلّ الانهيار القائم، علماً أن هناك مخاوف من دخول جهات تخريبية على خطّ الأحداث، والأكيد من كل ذلك هو تفجير الأوضاع أكثر واستغلال الظروف المعيشية المتدهورة لتغذية الصراعات
.
على هذا الأساس، جاءت تحذيرات الحكومة الكندية المفاجئة قبل يومين من حصول أحداث أمنية في مختلف المناطق اللبنانية، إذ تمّ تحذير الرعايا الكنديين من التوجه إلى نقاط عديدة. ومن هنا، يبدأ التحرّك الكبير ميدانياً للقوى الأمنية وأجهزة المخابرات، إذ باتَت المخاوف من انفلات الشارع كبيرة لاسيما مع وجود تنبيهات من عنفٍ مُسلّح قد يحصل في أي وقت. أمّا الأمر الأهم، فيتحدّد في حديث بارز لعدد من المرجعيات السياسية، إذ قال أحد النواب البارزين أمام حلقة ضيقة به إنّ “الظروف تتجه نحو الأسوأ، وخطر الحرب يلوح في الأفق طالما أن أحوال المواطنين تتجه نحو التدهور الحتمي”.
إجراءات
من دون أدنى شك، تنظر الأطراف السياسية إلى الواقع الأمني بحسب توجهاتها المختلفة، فهناك جهات تريدُ استقراراً لتمرير الانتخابات النيابية في حين أن هناك أطرافاً أخرى تسعى لتطيير الانتخابات بعدما وجدت أن قاعدتها الشعبية ليس متينة بما يكفي لخوض استحقاقٍ مفصلي. ولهذا، وكما درجت العادة، يبرزُ التحذير من الأحداث الأمنية، في حين أن هناك مخاوف من أن تكون هناك تحركات مُفتعلة في بعض المناطق ذات الطابع الحسّاس.
على الصعيد الأمني، لا تُخفي مراجع عسكرية مخاوفها من انفلات الأوضاع في أي لحظة، حتى وصل الأمرُ ببعض الأمنيين للقول: “القوى العسكرية مستنفرة، والأهم ألّا تتطور الأمور أكثر من ذلك لأن الأوضاع لا تحتمل. في أي لحظة، قد يصبح من الصعب الانتقال من منطقة إلى أخرى”.
من هذا المنطلق السائد ضمنياً، كثفت الأجهزة الأمنية استطلاعاتها كما تمّ تعزيز المراقبة في مختلف المناطق لاسيما تلك التي تعتبرُ ساخنة وساحة لأي انفلاتٍ أمني. بالإضافة إلى ذلك، فإن العديد من السفارات الغربية باتت تكثف من إجراءاتها الأمنية في محيطها وضمن بعثاتها الدبلوماسيّة.
يقول مرجع أمني لـ”لبنان24″ إنّ “القرارَ لدى الجيش والقوى الأمنية يقضي بردعِ أي إخلال بالأمن مهما كانت الجهة التي تقف وراءه”، مشيراً إلى أن “المخاوف ترتبط باندلاع عنف مسلح باتجاه مرافق حيوية يمكن أن تساهم في إرساء الذعر في أوساط المواطنين”.
وأضاف: “مخابرات الجيش زادت من وتيرة عملها إلى درجات عليا، حتى أن الإجراءات التي تتخذ باتت أكثر دقة وذلك لتجنّب أي ثغرات”.
معطيات “إيجابية”
من المعروف تماماً أن هناك مناطق قد تضمّ جماعات مُسلّحة يمكن أن تنفذ هجمات متفرقة، إلا أن نشاط هذه الجماعات مضبوطٌ وتحت السيطرة ومُطوّق، والأجهزة الأمنية اللبنانية ترصدها وتتابعها باستمرار.
خلال السنوات الأخيرة، تعزّز الأمن الاستباقي كثيراً خصوصاً عندما يتعلق الأمرُ بالمخيمات الفلسطينية، مخيمات النازحين السوريين، والمناطق التي تعتبرُ ملاذاً للمطلوبين. واليوم، بات التنسيق كبيراً بين مختلف الأجهزة الأمنية لرصد أي تحركات، وهذا الأمرُ يعتبرُ إيجابياً ويمنع أي سيناريو يعد لتفجير البلد أمنياً.
إضافة إلى ذلك، فإنّ مخابرات الجيش وفرع المعلومات بات لديها قدرة أكبر على ضرب المخلّين بالأمن وتطويقهم أكثر من أي وقتٍ مضى، وهذا ما يبرزُ تماماً عند وقوع أي أحداث أمنية أو عمليات إجراميّة. وهنا، ما يبرزُ بشكل واضح الاستنفار الأمني في مختلف المناطق، حتى أن العمل الاستخباراتي بات كبيراً ويرتبط بتنسيق مع عناصر فاعلة في الميدان وتعمل لصالح الأجهزة الأمنية.
ولهذا، يبقى من المهم تماماً بالنسبة للأجهزة الأمنية أن تبقى البلاد تحت السيطرة، وطالما أن هذا الأمر مضمونٌ حالياً فإن الفوضى يمكن أن تبقى بعيدة قدر الأمكان عن التحقق. أما الأمر الأهم وسط كل ذلك فيتعلق بالقرار السياسي الذي يتحدّد بعدم وجود نية لدى أحد في تحريك الشارع وتعريض الأمن للانهيار، لأن ذلك لن يكون لمصلحة أحد.
lebanon24