متفائلون كثر استطردوا، بأنّ عودة الجنرال ميشال عون الى بعبدا رئيساً للجمهورية ستكون بداية المشوار لاستعادة ما أُخذ في اتفاق الطائف، استعادة حقّ المسيحيين الفعلي في المشاركة في السلطة، وعودته الى الرئاسة الاولى وعودة الصلاحيات الى هذا الموقع، ولكن خسر عون معركته فخسر المسيحيون كل شيء تقريباً.
في العقل الباطن للرئيس عون، هناك من يقول انّ الضربة تردّ بالضربة ولو بعد حين والتفاوض لا يتم الا في حال توازن القوى، لكن ما وقف بوجه عون الرئيس وفترة حكمه معطيات تشير الى انّ رئيس مجلس النواب نبيه بري لم يتصرف من عنده ما دام حزب الله راضٍ، وانّ الحزب لن يرضى الا ببرّي حليفاً اساسياً لهُ ورئيساً يتربع على عرش المجلس… ومن هنا تبدأ الرواية.
من هنا، ليس معروفاً بعد لماذا إضاعة مزيد من الوقت في لبنان في حين يقول المنطق انّ تعطيل انعقاد الحكومة، يجعل انقاذ ما يمكن إنقاذه اقرب من مهمّة مستحيلة.
فبدل إضاعة الوقت والاعتقاد انّهُ بالامكان تصفية الحسابات مع الآخرين، كان يفترض بالرئيس عون التفكير بطريقة في غاية البساطة. بدل الاعتقاد انّ عهده يستطيع تجديد شبابه في السنة الأخيرة منه، ليس عيباً الاعتراف بانّ هذا العهد انتهى، بل انتهى باكراً.
فما يقوله العونيون صراحة، انّ الأمر تجاوز المناكفات في مجلسي النواب والوزراء، وبات يتعلق بمعركة الوجود، حرفياً يا “قاتل او مقتول”، ويسهل شعبياً اتخاذ أحكام فورية بشأنها واستنفار الغرائز المذهبية – فمن وقف في وجهنا منذ العام 2005 لغاية هذه اللحظة، سواء في ملفي تفعيل العمل النيابي أو بت القوانين المقدمة، او في اقرار مشاريع إصلاحية تنموية عبر مجلس الوزراء، هو الرئيس بري.
وفي كل تلك المرحلة لم يبت بند عونيّ دون مطولات وزراء أمل وعشرات الملاحظات. ولا أحد يقدّر كيف حافظ عون والنائب جبران باسيل في كل مراحل على أعصابهما ولا يبقّان البحص الأملي الذي يملأ معدتيهما ويشدهما نزولاً ليغرقهما.
فيما يرى الحركيون، انّ عون يقلب الطاولة، ويرفض التوقيع على المراسيم، ويرفض الدعوة لعقد دورة استثنائية للمجلس النيابي.
لا بل يضغط على المحقق العدلي طارق البيطار، ليعتقلنا جميعاً، المصرّ على تنفيذ مذكرات التوقيف والاستدعاءات بحق نوابنا.
في المحصلة، لدى عون قناعة بأنّ الأشهر الفاصلة عن الانتخابات النيابية وانتهاء ولايته، مخصصة لتعزيز وضعيته وصهره سياسياً وشعبياً. وهذا لا يمكن تحقيقه إلا في حروب فتح ملفات فساد وإعلان مواجهات مع من يعتبرهم أركان الفساد، أو الذين وصفهم في بياناته بأنهم يوفرون منظومة حماية للفاسدين وعرقلوا مسيرته في الاصلاح.
المصدر : شادي هيلانة – وكالة أخبار اليوم