لفت وزير الصحة العامة فراس أبيض, إلى “وجود الكثير من المشاكل منذ بدء الازمة الاقتصادية، وكان واضحًا إلى أين نحن نتجه”.
وقال في حديث لصحيفة “السهم”، معلقًا على موضوع رفع الدعم عن الدواء: “فعليًا في لبنان يوجد أدوية بقيمة 18-19 مليون دولار، وثلاثة أرباع هذه الكمية هي أدوية السرطان والأمراض المستعصية، وهي مدعومة 100 في المئة. والذي رفع عنه الدعم جزئيًا هو بعض أدوية الأمراض المزمنة”.
وأضاف, “لم نحرم الناس من الدواء، بل قلنا أنه لدينا هذا القدر من المال فكيف يمكن استخدامه لتوفير الدواء لأكبر شريحة ممكنة من الناس وخاصة الذين لا يملكون ابدا اي خيار. مثلا، الدواء بالنسبة لمرضى السرطان مسألة حياة او موت، وثمنه 1000 او 2000 دولار، أو الناس التي تقوم بغسيل الكلى… كلهم ضمن سياسة الدعم”.
وأوضح أبيض, “بما يتعلق بالشريحة التي تعاني من الأمراض المزمنة، فعملنا على حلول مع الخطوات التي اتبعناها وهي انه يوجد دواء في مراكز الرعاية وفي الصناعة الدوائية التي ندعمها أكثر اليوم”.
وسأل: “هل كانت الأدوية متوافرة في الصيدليات؟ طبعًا لا، لأن المال الذي نحاول إرساله للشركات المصنعة في الخارج لم يصل. وكانت مفقودة تمامًا من السوق اللبنانية. لذلك كان الموضوع الاساسي ألا ندعي أننا ندعم كل شيء بينما فعليًا لا يوجد أدوية في السوق أو أن نأخذ هذا المال ونبدأ بالدفع للخارج لتصبح أدوية السرطان متوافرة”.
وتابع, “الآن، بدأت أدوية الأمراض المزمنة تصبح متوافرة، وكان يجب اتخاذ هذا القرار بسرعة فمرضى السرطان كانوا يتظاهرون على الطرقات بدل أن يستريحوا ويتلقوا علاجهم”.
وقال: “أنا كجراح مثلا، عندما يقال لي أن هناك ورمًا كبيرًا في عضو من أعضاء هذا الانسان، رأيي أن يستأصل هذا الورم. الموضوع الأساسي الذي ازعج الناس حينها، وما زال الى الآن هو عدم توافر الدواء. والموضوع الثاني هو الأسعار: أنا لدي أهل واشتري لهما الدواء واتعذب لشرائه. وفي هذا الشأن هناك قرار سيصدر بين اليوم والغد ويقضي بفتح التسجيل المبدئي”.
وتطرَّق إلى موضوع الاحتكار بالقول: “ليس لدينا احتكار كما يعتقد الناس بمعنى أنه ممنوع أن يدخل هذا الدواء إلا شخص معين. لدينا اليوم صعوبة في ادخال أدوية جديدة لأنها تتطلب تسجيلًا وهذه العملية تستغرق عامين، وبالتالي الدواء الأرخص يتطلب سنتين للوصول إلى لبنان”.
وأضاف, “سمح القانون للوزير باستيراد طارئ ما يعني أنني سأسمح لجهات معنية بالذهاب وشراء كمية من الأدوية، شرط أن تكون أقل سعرًا وتكون مستخدمة في عدة دول معتبرة. هذا أشبه ب FDA طارئ للأدوية شرط ان تكون أرخص. وسيسري مفعول هذا القرار بعد توقيعه فورًا”.
وتابع, “أيضا، هاتفني دولة الرئيس أمس، بخصوص مشروع كنا نعمل عليه مع البنك الدولي وهو دعم للبطاقة الدوائية للفقراء، بالاضافة ال المساعدات التي نحصل عليها من مراكز الرعاية والصناعة الدوائية التي ندعمها أكثر. كانت خطوة قاسية لكنه في تلك اللحظة لم يكن لدينا خيار آخر، لذلك اقول إنني لست هنا لأخفف من وطأة القرار على الناس، لأنني أتفهمهم تماما”.
وعن وضع المستشفيات حاليًا في ظل عودة تفشي فيروس كورونا والتخوف من المتحور “أوميكرون”، قال أبيض: “95 في المئة من المستشفيات ممتلئة في بعض المناطق كعكار والنبطية وفي منطقة بعلبك وصلنا الى 84 في المئة. ويجب الإشارة الى أن كورونا تفشت في بريطانيا وهي دولة 80 في المئة من سكانها ملقحين”.
وأردف, “بلغ عدد حالات الاصابة 78 الف حالة وهذا رقم قياسي. لذلك، نحن نعمل مع المستشفيات ونحضر بعض الاجراءات على صعيد المحافظات، أي كل محافظة تصل الى رقم معين من القدرة الاستيعابية حتى لو أجبرنا على عدم استقبال الحالات غير الطارئة كعمليات التجميل، سنحول جميع الأسرة لاستقبال مرضى كورونا إذا احتجنا”.
وسأل: “هل النظام الصحي اللبناني حاليًا أهم من النظام الصحي الفرنسي والايطالي؟ هناك حدث أيضًا انهيار لهذا النظام، وفي الهند والبرازيل كذلك. علينا أن نتخذ خطوات استباقية على صعيد المستشفيات كي لا تنهار، وفي الوقت نفسه ندعو الى التلقيح. في الحملات التي كنا نقيمها للتلقيح، كنا نسجل في اليوم 5000 ملقح. أمس سجلنا 42الفا”.
وأكّد, “كنا نعطي في الأسبوع 70 الف جرعة، الاسبوع الماضي أعطينا فوق الـ 150 ألفًا. الفكرة الاساسية أننا نسير في الاتجاه الصحيح. في المطار، نتخذ اجراءات. الناس تنتظر عودة المغتربين ليس فقط لرؤيتهم لا بل للمساعدة المادية ايضا، وهذه المشكلة في لبنان، لو كان اقتصاد البلد بخير لكنا اتخذنا قرارا بإقفال المطار”.
ولفت وزير الصحة الى أن قرار إقفال البلد “سيتخذه الوباء”. وقال: “مثلًا، لنعتبر انه في مدرسة ما ستة صفوف أغلقت بسبب الفيروس و30 تلميذًا اصيبوا بكورونا. هل سيرسل الاهل اولادهم الى المدرسة؟ طبعا لا. والأمر ينطبق على البلد. القرار الفعلي هو بيد الشعب، ليس بيد الوزير. التزموا وخذوا اللقاح وضعوا الكمامة فلا يغلق البلد. ولا يمكننا أن نغض النظر عن الأماكن المغلقة والمكتظة. يوم أمس أتى من يطلب اذنا لإقامة مناسبة تضم 900 شخص والمكان يتسع ل700 شخص. لم نعطه رخصة، وألغى المناسبة”.
وردًا على سؤال عن دعم الفاتورة الاستشفائية، قال أبيض: “أتينا بدعم ثلاثة مرات ونصف أكثر مما كان متوافرًا، للناس المسجلين على الوزارة، لأن الجهات الخارجية الداعمة لا تدعم المضمونين. لا شك أننا نواجه مشكلة مع الضمان ولم يتبين بعد كيف سترتب الدولة اللبنانية هذا الشأن، الضمان لديه مال لكنه محجوز في المصارف لذلك لا يستطيع رفع تعرفته مع العلم أن الضمان تابع لوزارة العمل لكنه يؤثر على نظامنا الصحي”.
وأضاف, “لنأخذ مستشفى الحريري كمثال، بقيت منذ نهار الأحد حتى الأربعاء بدون ساعة كهرباء، وخلال هذه الفترة عملت خمسة مولدات دون توقف وكل يوم احتاجوا الى 9 آلاف ليتر مازوت. لنحسب كم صرفوا “فريش” دولار. إنه مستشفى نحاول مساعدته لكن كيف سيستمر؟”.
وتابع, “أنا لا أبرر للمستشفيات ارتفاع الفاتورة لكن حين يقولون انه أصبح لديهم تكاليف تختلف عن السابق، صحيح، هناك اشياء بالفريش دولار. لذلك، نحن، بدعم الفاتورة نخفف عن كاهل المواطن. ولكن المشكلة التي تواجهنا في قطاع الدواء والاستشفاء، هي أن الليرة انخفضت ونحن بلد قليل الانتاج. الدواء الذي كنا نشتريه بثلاثة دولارات أي 45 ألفًا أصبح اليوم 80 ألفًا”.
وعن هجرة الجسم الطبي، قال وزير الصحة فراس أبيض: “منظمة الصحة العالمية تقول إن النسبة هي 40 في المئة. برأيي اهمية الرقم ليس بالعدد انما بمن يرحل، أي الناس الذين لديهم درجة عالية من التخصص، كممرضات العناية الفائقة والطوارئ. هذه مشكلة أكبر من مجرد رقم. مثلا اليوم، نريد فتح قسم للكورونا: هؤلاء الممرضات اللواتي سيفتحن القسم رحلن، وهناك ناس يصعب رجوعهم كممرضة مثلا سافرت وعائلتها ودخلت في دورة الحياة في بلد آخر”.
وأردف, “برأيي أن الهجرة طويلة ليست قصيرة. والجيل الجديد سيتأثر كذلك. فكل المتدربين والاساتذة المعلمين سافروا. القرض المالي يساهم ماليا لكن العامل البشري الذي هو أهم يضعنا في ورطة”.
للإطلاع على الحديث بنسخته الأصلية إضغط على الرابط التالي:
https://bit.ly/3F6UqnY