كتبت لبنى عويضة في “سكوبات عالمية“:
بالتزامن مع فترة الأعياد، انصدم اللبنانيون بعد أن كسر الدولار كافة الحواجز وكاد أن يسجل 30.000 ليرة للدولار الواحد.
وكل ما قامت به السلطة هو التفرج والصدمة والاستنكار، على سبيل تعاطفها مع الشعب ومع أزمته، وفي سبيل الحفاظ على ثبات سعر صرف الليرة، لم يبقَ من أموال المودعين سوى 14 مليار دولار من أصل 170 مليار دولار وفقاً لما أعلن عنه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة مؤخراً. ولا يخفى على أحد أن لبنان بلد استيرادي، وبالتالي فهو بحاجة العملة الخضراء من أجل استمراريته، إذ أن 85% من السلع الموجودة في أسواقه ناتجة عن الاستيراد.
إن الصعود الجنوني للدولار انعكس على مختلف القطاعات والسلع، ففي الوقت الذي لا يزال اللبنانيون يتقاضون رواتبهم على أساس الليرة اللبنانية، بلغت قيمة هذه الرواتب معدل 24$. بمقابل ارتفاع أسعار السلع الغذائية بكافة أشكالها وارتفاع أسعار المحروقات أيضاً، لذا لجأت بعض الأسواق لإقفال أبوابها وهذا ما شهدته أسواق طرابلس يوم أمس.
مع كل هذه الكوارث، وفي الحين الذي بات الخطر يدق ناقوس معظم المؤسسات ويعرضها للشلل الكامل، يتقاذف أصحاب النفوذ المسؤوليات، ويتصرفون بــ”لامبالاة”، ضاربين بعرض الحائط الإنهيار الحاصل. فالحكومة معطلة وبالتالي الحلول غائبة.
هذه الحكومة التي شكّلت بعد عناء استمر أشهر طويلة، وعلى أساس أنها “ستسحب الزير من البير” وستضع استراتيجيات للحد من السقوط في الدرك الأسفل والعديد من الأحلام الوردية، إلا أن الواقع يظهر أنها أسوء ما مر على لبنان، فرفع الدعم طال معظم السلع المعيشية دون أدنى شعور بطبقة الفقراء التي أصبحت شاملة لأكثر من 60% من الشعب، والتعطيل مستمر لغاية تحقيق نوايا بعض الجهات السياسية والضغط من خلال الواقع المعيشي والرهان على “طول نفس اللبناني”، إضافة لتفاخرهم لدى إعلانهم أنه “لا انفراجات في الوقت الراهن”.
ولا بد من التذكير أنه عند تشكيلها ارتفعت الشعارات أنها حكومة لا تمتلك ثلثاً معطلاً لأي جهة، والسؤال لماذا لا يضرب رئيس الحكومة بيد من حديد ويطلب انعقاد جلسة “بمن حضر” للسير في تأمين مصالح الشعب بدل الخوف من طلب انعقاد الجلسة؟
إذن لا حلول على المدى القصير، لا بل مزيداً من التأزم والانهيارات، خاصة مع التوجه لرفع الدولار الجمركي ومن هنا ستبدأ “تسونامي” الأسعار والدولار تعصف بالمجتمع دون رحمة لأي فرد، والمستفيد الأول هو التجار ومن ثمّ السياسيين.
يومياً تعلو الصرخات والدعوات للنزول إلى الشوارع، ويومياً يتم التحذير من الآتي، لكن المراهنات تقع على الفترة التي ستلحق الأعياد والتي ستقضي على آخر رمق من الشعب اللبناني، وإن غداً لناظره قريب، وللحديث تتمة…
المصدر: سكوبات عالمية – لبنى عويضة