هكذا تتغير الأجواء الدولية والإقليمية بسرعة، من مفاوضات فيينا الإيرانية- الغربية الى الأزمة اللبنانية – السعودية، مروراً بزيارة الرئيس الفرنسي ماكرون الى السعودية.
يُدركُ اللبنانيون جميعاً أن ما يجري في المنطقة والإقليم ينعكسُ على لبنان بشكلٍ أو بآخر، ويتوهم البعض اللبناني في الداخل، المنغمس في إختلاق المشاكل والأزمات، أن الرضى الأميركي والسعودي ينعكسُ إيجابياً على لبنان، وسيخففُ من وطأة الحصار والمشاكل، بينما لا يقبلُ جزءٌ من اللبنانيين هذا الإتجاه، على قاعدة ولّى زمن الولاء و تقديم الطاعة للأميركيين وحتى السعوديين.
ما يحصل في المنطقة من تحركاتٍ سياسية وأخرى ديبلوماسية بين الدول المختلفة، يوضحُ الشكل الجديد والواقع السياسي الجديد في المنطقة . في الشكل هناك تقدمٌ ملحوظ في شكل التسويات والمفاوضات والعلاقات، بدءاً بالحوار السعودي – الإيراني، وعودة سوريا الى الجامعة العربية، والتفاوض الأميركي عبر مجموعة الـ ٥+١ مع الإيراني، إضافة الى التحرك الإماراتي والإيراني والتركي، ما يعني مفاوضات جديدة في المنطقة، بغض النظر عن كل الأجواء وغليان المنطقة نتيجة الأحداث.
ظاهرةٌ جديدةٌ تتبلورُ في اللقاءات التي تشملُ كلاً من إيران والإمارات برعايةٍ دولية، لا سيما بين الطرفين الدوليين أميركا وروسيا بالتماشي مع تقاربٍ إماراتي – تركي، وفي المعلومات فإن مستوى المفاوضات يرتفع من المستوى السياسي والديبلوماسي الى المستوى الأمني والعسكري، حيثُ ستطرح كل النزاعات في المنطقة ،لاسيما إعادة التموضع العسكري إبتداءً من اليمن فالعراق فسوريا.
كل هذا على العموم ينعكسُ على لبنان بشكلٍ مباشر، وذلك يعود لسببين:
– أولاً: أهمية وجود حزب الله في لبنان وإصراره على مواجه العدو الإسرائيلي على حدود لبنان مع فلسطين المحتلة، وعمله الدؤوب في الداخل على معالجة الأزمات والمشاكل الإقتصادية والمعيشية، رغم إصرار الإدارة الاميركية على عزل لبنان وإنزال العقوبات عليه وحصاره من كل الجهات حتى إركاعه، واستخدام الجمعيات الأميركية ال NGOs لإستغلال الناس المسحوقين مادياً عقب الأزمة التي لازال لبنان يعاني منها منذ سنتين، ودعم السفيرة الأميركية دوروثي شيا لكل الفتن في لبنان وخلق العداوات بين الشعب الواحد، لكن الحزب يُصرُ على المضي قدماً من أجل تذليل العقبات وكسر الحصار الأميركي.
– ثانياً: يقفُ لبنان أمام هذه التطورات الدولية، ولعل زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون الى الرياض لبحث مختلف الملفات، ومن ضمنها المبادرة لحل أزمة لبنان مع السعودية، مشهدُ يستوجبُ التأمّل به عقب ربط إعادة العلاقات بين البلدين بجملةٍ من الإصلاحات، إضافةً الى تنحية حزب الله عن الحكومة، وينقلُ مصدرٌ سياسيٌ أن أحد أهم الملفات التى جرى التباحث بها بين الطرفين السعودي والفرنسي عودة العلاقات بين سعد الحريري والسعودية تمهيداً للإنتخابات البرلمانية، كما أكد الطرفان الفرنسي والسعودي على ضرورة إجراء الإنتخابات في موعدها المحدد.
المصدرٌ حسم أن الحريري تحدث عن إصراره عن عزوفه عن الترشح للإنتخابات النيابية في ربيع العام القادم، عازياً ذلك الى العلاقات المتوترة بينه وبين السعودية، إضافة الى عدم قدرته المالية على تمويل حملته الإنتخابية، ناهيك عن إصراره على استمرار العلاقة الودية بينه وبين الثنائي الشيعي، وتابع المصدر أنه لو حصل تقدمٌ في الحوار بين سعد الحريري و السعودية وطلبت منه الأخيرة الترشح للإنتخابات سيترشح.
لعلَّ الأيام القادمة والساعات واللقاءات المكوكية الدولية والإقليمية التي تشهدها المنطقة ستخفف من الإحتقان وتسرعُ من تهدئة الأجواء لتنطلق المنطقة نحو مرحلةٍ من الحوار المثمر والعلاقات الجديدة القائمة على التبادل والإنفتاح على مختلف الصعد…