لا تُوحي الأجواء المُحيطة بالوضع السياسي أنّ “مجلس النواب في وارد تبنّي قضيّة المتهمّين من رؤساء ووزراء ونوّاب والإدعاء عَليهم أمام المجلس الأعلى لمُحاكمة الرؤساء والوزراء وبالتالي تَرك الملفّ بيْد المُحقّق العدلي القاضي طارق البيطار وما يَعنيه ذلك بإبقاء الوضع الحكومة في “مَوْت سريري”.
وتُؤكّد مصادر معنيّة بالملفّ القضائي أنّ “القاضي البيطار باقٍ حتى إشعارٍ آخر، وما يُؤكّد هذه الفرضيّة أنّه لا تلوح في الأُفق أيّة مُبادرة أو تحرّك نيابي فلا عريضة إتهام نيابية، على غرار العريضة التي تقدّمت بها “كتلة المُستقبل” وسَقطت لعدم إكتمال جلسة مجلس النوّاب آنذاك، ولَم تتشكل لجنة تحقيق للنظر بعريضة الإتهام التي يَجب أنْ يُوافق عليها ثلثا أعضاء مجلس النواب.
ووسط هذا الترّاخي النيابي أو الكيّدية النيابيّة أين يَكمُن الحلّ؟ هَلْ على الصعيد القضائي أو السياسي؟
ويُفنّد المصدر الحلول إلى 3 مسارات:
1- أن يُسرّع المُحقّق العدلي في تحقيقاته وإصدار القرار الإتهامي بسرعة.
2- يتهمّ المُحقق العدلي غيابياً بدون طلب إستجواب وتحديد جلسات للمُتهمين المتمنعين عن الحضور إلى الجلسات.
3-كما يُمكن لمجلس النوّاب المبادرة إلى السير بموضوع “الصلاحية المُزاحمة” أيّ المُزاحمة بين السلطتَين “القضائية والتشريعية” في موضوع مُحاكمة الوزراء والرؤساء.
وبناءً على هذه المُعادلة فإنّ نظرية المقايضة التي يجري الحديث عنها بين ملف المرفأ والملف الحكومي قد سَقطت ولا يُمكن الركون إليها لحلّ الأزمة السياسية.
وتَبقى معضلة عودة مجلس الوزراء قائمة فَما السبيل إلى هذه العودة ؟ تَحسِم المصادر بأنّ “الرؤية ضبابيّة بالنسبة إلى هذا الموضوع لا بَل تذهب إلى أنها لا ترى عودة قَريبة لمجلس الوزراء إلّا إذا قرّر “الثنائي الشيعي” وَضع موضوع البيطار جانباً والإقتناع أنّ وجود التضامن الحكومي عامِل مُساعد وأنّ إجتماعها يُساهم على حلّ هذا الموضوع بالذات”.
وتلفتُ المَصادر إلى حلّ يُمكن أنْ يتلقفّه مجلس النوّاب ويتمثّل بما أقدم عليه الوزير السابق يوسف فنيانوس الذي تقدّم بدفوع شكليّة عند القاضي البيطار بعدم صلاحيّته التحقيق مع الوزراء وقام الأخير بردّها فرفعها فنيانوس إلى الهيئة العامّة لمجلس القضاء الأعلى، التي تنظرُ فيها حاليًا.
والحلّ هُنا يُكمن، وفق المصادر بأنّ “توافق الهيئة العامّة على الدفوع وتَعتبر أنّ الموضوع من صلاحيّة مجلس النوّاب عندها يستطيع رئيس المجلس تلقف الموضوع والذهاب بإتجاه الطلب بمُحاكمة المتهمين من وزراء ورؤساء أمام المجلس الأعلى لمُحاكمة الرؤساء والوزراء”.
ويَبدو أنّ “رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لا زال على مَوْقفه بالإبتعاد عن تجرّع هذا الكأس، خصوصاً أنّه على يقين أنّ تنحيّة البيطار لا يُمكن أنْ تتمّ إلّا بقرار قضائي أيّ لا قرار تنفيذي صادر عن السلطة التنفيذية ولا قرار تشريعي صادر عن السلطة التشريعية، وتُنبّه المصادر في هذا الإطار إلى أنّ “أي قانون أو إجراء تشريعي يُمكن إبطاله أمام المجلس الدستوري على مبدأ الفصل بين السلطات الذي يتشدَّد هذا الأخير في تطبيقه”.
والنظريّة الأسلم وفق هذه المصادر ترك القضاء “لشعابه” والذهاب إلى مجلس الوزراء لحلّ مشاكل الشعب التي تتراكم يوماً بعد يوم مع إستفحال الأزمة الإقتصادية، وإنتظار القرار الإتهامي عسى أنْ لا يأتي مُتأخراً لأنّ العدالة المتأخرة هي عدالة منكفئة، ولا تستبعد المصادر أنْ “يصدر القرار قريباً عندها يُمكن أن نذهب إلى مكان آخر”.