أوّل ما يبرره التاجر عن عدم انخفاض الأسعار، هو أنّ لديه مخزوناً لم ينفد بعد، وإنّ انخفض سعر الدولار في السوق السوداء.
ويُحققون التجار ارباحاً طائلة في ظل غياب الرقابة عليهم. والتاريخ أثبت، لا سيما في السنتين الاخيرتين، أنه إذا ما ارتفع سعر الدولار، ترتفع الأسعار مباشرة وبسرعة فائقة انطلاقاً من مبدأ كلفة إعادة شراء السلعة نفسها، بينما عندما ينخفض سعر الدولار لا ينخفض شيئاً !
وفي التفاصيل، بعد ما تجاوز سعر صرف الدولار في السوق السوداء الـ 25 ألف ليرة، الاسبوع الفائت، لمس المواطنون بحسرة وحالة من الهلع، انعكاس هذا الارتفاع على أسعار السلع . وعلى وقع الارتياح السياسي الذي شهدته البلاد منذ الاعلان عن نية وزير الاعلام جورج قرداحي الاستقالة بدأ سعر الصرف في السوق الموازية بالانخفاض بسرعة فائقة اذ وصل الى ما دون ال 22 الفا للدولار الواحد.
بالموازاة، في كل مرّة يدخل فيها المستهلك الى المحال التجارية أو السوبر ماركت يدخل بانطباع مُسبق أنّ الأسعار لم تعد كما هي بالأمس أو لم تعد كما هي قبل ساعة رُبما. هذا الواقع لم يكن ليكون سائداً لو أنّ ثمّة رقابة فعلية وحقيقية تقوم بها الجهات الرقابية في البلد. للأسف بات ارتفاع سعر صرف الدولار بمثابة الشماعة الجاهزة دائما على الرف وانّ نزِل تبقى الأسعار كما هي.
وعلى هذه القاعدة التي يحمكها الدولار والتجار، يجد المواطن اللبناني نفسه عرضة للاحتكار ولنار الأسعار في ظل شبه غياب لرقابة الدولة، التي يعلم الجميع انّ وزارة الاقتصاد فيها لا تمتلك الادوات اللازمة ولا العدد الكافي من المراقبين للتأكد من التزام الاسواق بالاسعار الجديدة التي يفرضها تأرجح الدولار اليومي.
فعلاً، نعيش حالة جنون معيشية، فيما حديث الساعة بين المتسوقين هو عن الغلاء وسعر صرف الدولار، وتنهيدة تأفّف واحدة يسمعها الآخر كفيلة بفتح جدل لا ينتهي.
وهنا تدخل شانتال، وتقول: “نزل الدولار، ليش ما رخصتوا البضاعة؟”، سؤال يتوحّد عليه المواطنون عند التجار الذين يبررون مع كل “نطة دولار” غلاء الأسعار ، فيما يتغافلون عن إعادة تسعيرها مع كل هبوط – يجيبها الجالس على الصندوق ما “منعرف”!
وتتابع شانتال مين المسؤول هون ؟ بلحظة “تنشق الأرض وتبتلعه”.
ومن جهة أُخرى، شرح رياض بإسهاب مثلاً المنقوشة هي بمثابة الأم والأب للشعب اللبناني، هي أكل وعيش الغني والفقير، وصل سعرها اليوم الى ١٣ الف ليرة، فإن نزل الدولار ستبقى ١٣ الفاً، وهنا “المسخرة” على حدّ قوله.
في المحصلة، وامام كل ما قيل ودل، فإن الشعب اللبناني كله سيغرق بسبب “طرش” المعنيين، ولن ينجو لبنان هذه المرة إلا عندما تفتح الدولة آذانها بعجيبة ما وتسمع صوت الناس وتستجيب لمطالبهم.
شادي هيلانة – وكالة أخبار اليوم