إستقالة الوزير جورج قرداحي اليوم تُعتبر خطوة في الإتجاه الصحيح، ولو جاءت متأخرة في التوقيت، ولكن وعلى طريقة المثل الفرنسي الشهير : أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي أبداً.
لا شك أنه لو تمت الإستقالة في الأيام الأولى لإندلاع أزمة تصريح قرداحي، لكان الأمور سارت بإتجاه مختلف تماماً لما وصلت إليه، سواء بالنسبة لسحب سفراء السعودية ودول مجلس التعاون، أو حتى ما يخص إجراءات وقف دخول الصادرات اللبنانية إلى الأسواق الخليجية.
المشكلة الأساسية التي يُعاني منها لبنان في هذه الفترة الحرجة، أن الأطراف السياسية الممسكة بالسلطة، تعطي الأولوية لأجندات خارجية على حساب المصالح الوطنية في معظم الأحيان، وهذا ما بدا واضحاً في أزمة الوزير قرداحي، الذي رفض حزب الله وتيار المردة إستقالته باكراً، لتجنب تفاقم الأزمة مع الدول الخليجية، وذلك في موقف سياسي من الحزبين المذكورين لم يأخذ في الإعتبار المصلحة اللبنانية العليا، بقدر ما كان يعبر عن إستراتيجيات إقليمية،لها علاقة بالمحور الإيراني.
قد تكون الضغوط الديبلوماسية الفرنسية وراء قرار إستقالة قرداحي، بعد التشاور مع الحلفاء، على حد قوله، ولكن هذه الخطوة كانت ستكون أكثر فعالية لو تمت بقرار لبناني محض، يُعزز مكانة الدولة اللبنانية، ويُساهم في إستعادة الثقة بالحكومة اللبنانية، التي تحيط بها الكثير من الشكوك حول قدرتها على الإمساك بالسلطة، وتحرير القرار الرسمي من هيمنة حزب الله.
المهم أن إستقالة قرداحي فتحت الطريق أمام الرئيس ماكرون لطرح الوضع اللبناني في جولته الخليجية، خاصة في محطته السعودية، عله يستطيع إعادة فتح الأبواب الموصدة بين بيروت والرياض والعواصم الخليجية الأخرى، وطوي صفحة الأزمة اللبنانية ــ الخليجية، وتشكل بداية جديدة لإعادة الأمور إلى مجراها الطبيعي، تمهيداً لإنضمام الدول الخليجية إلى مجموعة الدول التي ستقدم المساعدات الموعودة للبنان.
هل ينجح الرئيس الفرنسي في تحقيق الإختراق المنشود في جدار الأزمة من الدول الخليجية؟
اللواء