كتبت لبنى عويضة في “سكوبات عالمية“:
عادت قضية تعاطي المخدرات إلى الواجهة من جديد، خاصة في المنطقة الأكثر فقراً على حوض البحر الأبيض المتوسط “طرابلس”.
ويعود السبب إلى الــ48 ساعة الماضية، حيث ضجت مواقع التواصل الاجتماعي ونشرات الأخبار بجريمتي قتل فاعليها تعاطيا المخدرات ولم يدركا سوء عملهما.
وإذا كان الإرهاب هو الصفة التي ابتليَ بها أهالي طرابلس خلال سنوات مضت، فلعل آفة المخدرات ليست أقل خطراً من الإرهاب، لا بل أنه سلاح فتّاك يعمل على تفتيت أمن المجتمع والسيطرة على عقول شبابه.
ويمكن القول أن قضية المخدرات على صلة وثيقة بتزعزع الأمن الذي تشهده طرابلس منذ شهور مضت من أعمال السرقة والسطو المسلح والقتل والأمن المتفلت، أما المصيبة تكمن في الحكم على متعاطي المخدرات وزجّه في السجن مثله كمثل مروّج المخدرات، ومن هنا تبدأ الطامة، إذ يخرج المتعاطي تاجراً ويبقى على ادمانه، والبحث عن حلول للحد من هذه الآفة معدوم في دولة تحمي التجّار وتشكل غطاءاً لهم.
ربما الظروف التي يعيشها لبنان فاقمت من هذه القضية، فالفقر والبطالة يشجعان الشباب على التوجه لنشوة المخدرات دون الاكتراث لعواقبها.
ومشوار الألف ميل بالإدمان يبدأ من “الحشيشة” على أساس أنها النوع الأرخص والأكثر توفراً، كذلك يقنع الشخص الآخر أنها لا تسبب الإدمان، لكن وفي سبيل الهروب من الواقع المأساوي يبدأ المتعاطي بطلب جرعة أكبر وتصل الأمور به إلى الإدمان على حبوب الهلوسة ذات السعر البخس في ظل الاوضاع المعيشية الصعبة والتي انتشرت بشكل لا تحمد عقباه في الأحياء والأزقة خاصة الشعبية منها وأكثرها فقراً.
فاجعة تلوَ الأخرى تعيشها مدينة طرابلس المكلومة، والهدف واحد ألا وهو تفتيت أواصر مجتمعها الفقير، وبدلاً من الانتفاض على الواقع، يتجه الشباب للحل الأسهل عبر حبوب تشبع رغبات ساعات معدودة، وتسافر فيه لعالم خيالي بعيداً عن واقعه المرير.
كل هذا يحصل أمام مرأى الدولة والأجهزة الأمنية دون أن تحرّك ساكناً، وكأن تفشي الادمان يصب في مصلحتها، ولا حيلة لديها إلا زجّ أولئك المرضى في السجون بعيداً عن تأمين المساعدة لهم والحيلولة لخروجهم من دوامة المخدرات.
المصدر: سكوبات عالمية – لبنى عويضة