الدولار الجمركي “طالع طالع” … لكن متى؟

الدولار الجمركي “طالع طالع” أما السؤال فمتى؟ وماذا سيُصيبنا بعد إقراره؟ وتحت نير أيّ واقعٍ سنُمضي السنين العجاف الآتية؟ أرقام أرقام تصدر من هنا وهناك لكن، هناك، في الجمارك اللبنانية، يتحدثون عن “طبخة” جمركية قد أنجزت. فماذا في التفاصيل التي يحقّ لكلّ لبناني ولبنانية، يداه ويداها في النار، معرفتها؟

القصة وما فيها أن الدولة أخذت قرار رفع “الدولار الجمركي” ونقطة على السطر. ولم يبق إلا اختيار وقت الإعلان. ربما، في أول جلسة لمجلس وزراء أو ربما قبل ذلك. فرفع الدولار الجمركي لا يحتاج، بحسب مصدر جمركي، الى قرار وزاري بل يكفي قرار من حاكم مصرف لبنان ليتحقق ذلك.

في وقتٍ يكثر فيه الكلام، بين اللبنانيين البؤساء، حول ضرورة أن يشتري، من لا يزال يمتلك مقدرة الشراء طبعاً، ما يحتاج إليه من أجهزة وأدوات منزلية كهربائية قبل رفع الدولار الجمركي وتحليق أسعارها، تستمرّ وزارة المال في الطلب من الجمارك إحتساب الدولار على 3000 ليرة، ثم 12 ألفاً، ثم 14 ألفاً، وصولاً الى طلب احتسابه وفق منصة صيرفة، ثم تعود وتطلب من الجمارك إحتسابه وفق دولار 16 ألفاً. حالها حال طفل يحلم يومياً، قبل أن ينام، بالعيدية، مقدّراً ما قد يحصل عليه من الخالات والأخوال والعمات والأعمام. يحسب ثم يشطب ثم يزيد ثم يعود ويحسب.

فلندخل أكثر في التفاصيل. يبدو أن القرار حُسم: الدولار الجمركي سيكون وفق سعر منصة صيرفة، وذلك بعدما أبلغت الجمارك من يهمه الأمر صعوبة الإحتساب وفق سعرين مختلفين للدولار. في كل حال ما لفت نظر الكثيرين هو أن “الدولة” كانت “طاحشة” من أجل رفع الدولار الجمركي و”ضربت فرامل”. وفي تفصيل أدق كان وزير المال “طاحشاً” فضرب رئيس الحكومة “فرامل”. وأخيراً، وليس آخراً، طلبت الدولة ومن فيها من الجمارك إرسال إحصاءات فصلية لتُحدد على أساسها الدولار الجمركي وما سيدرّه على الخزينة.

الأرباح المتوقعة من رفع الدولار الجمركي هي 14 ألف مليار. وحين نسمع رئيس الحكومة يعِد موظفي القطاع العام بمنحٍ إجتماعية وراتبٍ إضافي تكون عينه على تلك الأرباح لتنفيذ الوعد. وفي حساب أولي، تحتاج الحكومة الى 8000 مليار إذا نفذت وعدها بإعطاء القطاع العام راتباً إضافياً. فمن أين تأتي بهذا المبلغ؟ طبعاً، لن ينال موظفو القطاع العام أي راتب او منحة قبل إقرار الدولار الجمركي. هنا، يتكلم أحد المراقبين عن عملة لبنانية لا تزال تُطبع في الخارج وتصل الى لبنان عبر مطار بيروت. وفي الأيام الماضية دخلت شحنة جديدة عبر مرفأ بيروت. لكن، سداد المنح الجديدة يتطلب مداخيل جديدة. ولا يُخفى على أحد أن لا رؤية واضحة لدى أحد. الأمر الوحيد الذي بات شبه محسوم، كي لا نقول بات محسوماً مئة في المئة، هو قرار رفع الدولار الجمركي قريباً وفق سعر المنصة.

ماذا يعني أن يرفع الدولار الجمركي ليُصبح بدل 1500 ليرة 20 ألفاً وأكثر؟

معناه، في اختصار شديد، تحليق الأسعار. لكن، ما يشير إليه مصدر جمركي هو وجود سلع كثيرة ستبقى تدخل الى لبنان بلا رسوم جمركية. وهي التي تربط دولها المصدرة الى لبنان إتفاقيات مع الدولة اللبنانية. ومن أبرزها دول الإتحاد الأوروبي وسويسرا وبريطانيا والدول العربية. الأجهزة الطبية والأدوية المستوردة من تلك الدول على سبيل المثال لا الحصر لن تتأثر برفع الدولار الجمركي. الأجهزة الكهربائية المستوردة من هناك لن تتأثر أيضاً. ولا السيارات الجديدة. أما السيارات القديمة فبلى. أما الإستيراد من تركيا فيخضع الى الرسم الجمركي الجديد. ومثله الإستيراد من إيران حيث لا إتفاقيات ثنائية. وبالتالي، يُرجح العاملون في تخليص البضائع الجمركية تكيّف اللبنانيين مع النمط الجديد “فالناس تتكيف وهذا ما يعتبره كثيرون غير جيّد في حالتنا اللبنانية”.

صحيح أن هناك أشياء لن تتأثر لكن، في المقابل، ثمة أشياء كثيرة أخرى ستتأثر، ما يجعل “أهل البلد” فاقدي القدرة على الإحتمال. يكفي أن تعرفوا أن حجم الرسوم الجمركية السنوية التي تقدر اليوم بمبلغ 2600 مليار، ستتراوح غداً، بعد إقرار رفع الرسوم الجمركية، بين 13 ألف مليار و15 ألف مليار. وهذا الفارق سيدفعه الناس طبعاً.

هل اشتريتم في الآونة الأخيرة قطعة كهربائية صناعة تركية؟ هذا معناه أنكم ربحتم. فغداً، صباح غد أو بعد يومين أو ربما بعد أقل من شهر، ستُصبح نفس القطعة بسعر يزيد عشر مرات على الأقل. تريدون رقما أدق؟ السيارة التي يبلغ رسمها الجمركي اليوم 7 ملايين ليرة سيُصبح 70 مليونا. لهذا زاد كثيراً في الآونة الأخيرة إستيراد السيارات عبر مرفأ بيروت والحدود اللبنانية – السورية. المستوردون يأتون بها و”يبيتونها” الى حين إرتفاع الرسوم الجمركية. وهم في ذلك سيربحون في السيارة الصغيرة مبلغا إضافيا يعادل 3000 دولار فارق التعديل الجمركي. تخزين السيارات اليوم في أوجه. والسيارات المستوردة خلال الأشهر الستة الماضية هي من نوعين: وسط وما دون وسيارات فاخرة. وهذا معناه أن الطبقة الوسطى التي كانت تطلب السيارات الوسط قد إنتهت.

في لوائح الجمارك، أكثر ما استورده لبنان أخيراً هو المواد النفطية، من بنزين ومازوت، التي شكلت نسبة 27,64 في المئة من حجم الإستيراد، و34,28 في المئة من مجموع الرسوم. تلت تلك المواد الذهب (10,06 في المئة) لكنه يدخل كخردة وسبائك وبالتالي لا تزيد الرسوم الجمركية المستوفية عنه 0,12 في المئة. وحلت السيارات في المرتبة الثالثة بنسبة 7,49 في المئة من قيمة الإستيراد، وبلغت قيمة الرسوم المستوفية عليها 22,18 في المئة. وأتت الأدوية في المرتبة الرابعة بحجم 6,97 في المئة وبقيمة رسوم بلغت 22,18 في المئة. ثم أتت الآلات والأدوات الكهربائية والحبوب والبلاستيك والحديد والحيوانات الحية…

في الجمارك يتحدثون عن إستمرار الدعم على القمح والحبوب حالياً. وعن آلات كهربائية “مستعملة” مبدئياً وشبه جديدة، تدخل الى لبنان “ستوك”، فتباع الجديدة منها بسعر 900 دولار أما المستعملة فتباع بسعر 300 دولار. أرقامٌ وأحوال، والسؤال: علام تمخضت اللقاءات التي ضمّت ممثلين عن الجمارك مع البنك الدولي؟

البند الأول كان ضرورة تغيير الدولار الجمركي، ربما لأن الأرقام الحقيقية، غير التقديرية، التي يمكن الركون إليها لن تأتي إلا من الجمارك التي بإمكانها وضع خارطة بيانية واضحة وحقيقية بالأرقام. وبالتالي لا حلّ للدولة إلا من خلال زيادة المداخيل والإيرادات الجمركية. وهناك، من يشير في هذا الإطار، الى دهشة البنك الدولي في كل مرة تحدثت فيها الجمارك عن خسارتها للرسوم من خلال إستيفائها رسم 1000 دولار بدل ما يُفترض أن تكون عليه قيمة الرسم الحقيقية وتزيد عن 20,000 دولار. وحاولت الجمارك حينها القول أنها لا تتعمد “الخسارة” بل تتقاضى ما معدله سعر الدولار الرسمي. لهذا كله، يبدو لبنان بحاجة الى رفع الرسم الجمركي.

رفع ذاك الرسم الجمركي هو آخر الحلول الممكنة لدولة أصبحت “بلا دم”، خصوصاً أنها غير قادرة (أقلّه حاليا) على رفع رسوم الإتصالات التي تناهز سنويا المليار دولار (مقابل 3 مليارات دولار للجمارك). الدولة اللبنانية تبحث حالياً عن حلول مخفية لا يشعر بها المواطن مباشرة، أي هي استعاضت عن رفع الرسوم على فاتورة الهاتف التي تمس كل مواطن بقرار رفع الرسوم على الاستهلاك، بمعنى تريد ان تستهلك ؟ادفع جمركاً. تريد سيارة؟ ادفع جمركاً…

وتظن الدولة نفسها ذكية وهي من ذلك براء. وقرار رفع الدولار الجمركي أصبح جاهزاً. وهم ينتظرون التوقيت المناسب لذلك. فابشروا.


عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

أسعار المحروقات في لبنان، سعر البنزين اليوم في لبنان، سعر الديزل اليوم في لبنان، سعر الغاز اليوم في لبنان، سعر النفط في لبنان، أسعار الوقود في لبنان، التحديث اليومي لأسعار المحروقات في لبنان، سعر الوقود في لبنان اليوم، سعر البنزين في السوق السوداء في لبنان، سعر المحروقات في لبنان لحظة بلحظة، سعر لتر البنزين في لبنان، سعر لتر الديزل في لبنان، توقعات أسعار الوقود في لبنان، تحليل أسعار المحروقات في لبنان، سعر الغاز المسال في لبنان، سعر الكيروسين في لبنان، استقرار أسعار المحروقات في لبنان، أثر ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان، تقلبات أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في محطات البنزين في لبنان، أسعار المحروقات في السوق اللبنانية، شراء الوقود في لبنان، تأثير أسعار الوقود على الحياة اليومية في لبنان، أخبار أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في السوق اللبنانية اليوم، fuel prices in Lebanon، gasoline price today in Lebanon، diesel price today in Lebanon، gas price today in Lebanon، oil price in Lebanon، fuel cost in Lebanon، daily fuel price update in Lebanon، Lebanon fuel prices today، gasoline price in black market Lebanon، real-time fuel prices in Lebanon، price of gasoline per liter in Lebanon، price of diesel per liter in Lebanon، fuel price forecasts in Lebanon، fuel price analysis in Lebanon، LPG price in Lebanon، kerosene price in Lebanon، fuel price stability in Lebanon، impact of rising fuel prices in Lebanon، fuel price fluctuations in Lebanon، fuel prices at gas stations in Lebanon، fuel prices in the Lebanese market، buying fuel in Lebanon، impact of fuel prices on daily life in Lebanon، fuel price news in Lebanon، Lebanon fuel market prices today،أسعار المحروقات اليوم في لبنان, Fuel prices in Lebanon, سعر البنزين في لبنان, Gasoline price in Lebanon, سعر المازوت في لبنان, Diesel price in Lebanon, جدول أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel price update, سعر الغاز في لبنان, Gas price today in Lebanon, محطات الوقود في لبنان, Gas stations in Lebanon, توقعات أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel crisis, تأثير سعر الدولار على المحروقات في لبنان, Impact of dollar on fuel prices in Lebanon, أزمة الوقود في لبنان, Lebanon energy crisis, كلفة النقل في لبنان بسبب ارتفاع المحروقات, Rising fuel costs in Lebanon, كيفية توفير الوقود في لبنان, Saving fuel in Lebanon, السوق السوداء للمحروقات في لبنان, Lebanon black market fuel, استيراد المحروقات في لبنان, Fuel import in Lebanon, دعم الحكومة لأسعار المحروقات في لبنان, Fuel subsidies in Lebanon, ارتفاع أسعار الطاقة في لبنان, Oil price Lebanon, تأثير أزمة الطاقة على الاقتصاد اللبناني, Impact of energy crisis on Lebanese economy, كيفية ترشيد استهلاك المحروقات في لبنان, How to save fuel in Lebanon, أسعار الطاقة الشمسية في لبنان, Solar energy prices in Lebanon, محطات تعبئة الغاز في لبنان, Gas filling stations in Lebanon, توزيع المحروقات في لبنان, Fuel distribution in Lebanon, مواعيد صدور جدول أسعار المحروقات في لبنان, Fuel price schedule release dates in Lebanon, تأثير أزمة المحروقات على النقل العام في لبنان, Impact of fuel crisis on public transport in Lebanon, أسعار الوقود في بيروت, Fuel prices in Beirut, أزمة الكهرباء في لبنان, Electricity crisis in Lebanon, تأثير ارتفاع أسعار المحروقات على حياة اللبنانيين, Impact of rising fuel prices on Lebanese citizens, شحن الوقود إلى لبنان, Fuel shipment to Lebanon, استهلاك البنزين في لبنان, Gasoline consumption in Lebanon, مصادر استيراد المحروقات في لبنان, Sources of fuel imports in Lebanon, تسعير المحروقات في لبنان, Fuel pricing in Lebanon, أسعار الوقود المدعوم في لبنان, Subsidized fuel prices in Lebanon, خطة الحكومة لدعم المحروقات في لبنان, Government plan for fuel subsidies in Lebanon, طوابير المحطات في لبنان, Gas station queues in Lebanon, نفاد الوقود في لبنان, Fuel shortages in Lebanon, الاعتماد على المولدات في لبنان بسبب نقص المحروقات, Dependence on generators in Lebanon due to fuel shortages

أسعار المحروقات اليوم ↑↓

أسعار المحروقات في لبنان اليوم أو اضغط هنا لرؤية التسعيرة المستجدة للمحروقات لحظة بلحظة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *