إرتفاع سعر الصَّرف.. كلامٌ في الأسباب والحُلول

يَتدحرج لبنان بخطى متسارعة نحو الهاوية تحت أنظار حُكَّامه المتخاصمين، المُقتَرعين على مستقبل شَعبِهِ والعابثين بقَدَرِه. باتَ مُعظم الشعب اللبناني يَعيشُ تحت خطِّ الحياة، في بلدٍ يأكلون ويشربون ويموتون فيه أذلّاءَ، متوجِّسين وَمَتروكين.

يُمَرِّر اللبنانيون الوقت على وَقعِ ما تشهده السوق الموازية من إرتفاعٍ غيرِ مسبوقٍ لسعر صرف الدولار الذي لامَسَ مستوياتٍ قياسيَّةً بحجم المأساة. يُنذِر هذا التدهور الخطير بتداعيات إضافية للأزمة المستفحلة على حياة اللبنانيين وقدرتهم على الصمود. يَعكِسُ هذا الارتفاع فقدان الثقة بالاقتصاد اللبناني وبالليرة من قِبل اللبنانيين، كنتيجة للواقع الاقتصادي والسياسي الآخذ بالتأزم. فبالإضافة إلى شحِّ عرض الدولار وانخفاض حجم التحويلات، تَشهَد الأسواق طلباً متزايداً على الدولار، بعد وضع رفع الدعم حيِّزَ التنفيذ بطريقةٍ أشبه بصدمةٍ قاتلة ودون تأمين شبكة أمان اجتماعيَّة تُبعد الكارثة. فَرَفعُ الدعم عن المحروقات كفيل وحده بتهديد اللبنانيين في معيشتهم ومأكلهم وطبابتهم وأمَلهِم. في هذا الوقت المصيري، تتلهَّى الدولة بابتداع العلاجات الموضعيَّة المؤقتة، وسط غيابٍ كاملٍ للخطط الإصلاحية الشاملة وتراجعٌ حادٌّ في الإيرادات. في سياقٍ متَّصل، ساهمت الأزمة الأخيرة مع المَملكة العربيَّة السعودية ودول الخليج وما نَتَجَ منها من تأزّم حكومي تطور إلى انسدادٍ كلّي للأفق بتعميق الجرح. فقد أحدث عدم انتظام العمل الحكومي وتعليق الجلسات، تأخيرًا في إقرار خطَّة الإصلاح التي سترتكز عليها المفاوضات مع صندوق النَّقد الدَولي، على الرغم من الجهود المبذولة من قِبل اللجنة المُفاوِضَة.

على صَعيد آخر، إنّ عَدَم حيازة المصرف المركزي احتياطات كافية من العملة الصعبة تُمَكِّنه من التدخّل في سوق القطع مدافعاً عن الليرة، يؤدِّي الى فتح المجال واسعًا أمام المضاربة الشرسة التي تساهم من دون أدنى شك في ارتفاع سعر الصَّرف. قد تكون هذه المضاربة ناتجة من تدخّلات مشبوهة لأطراف محليين ولبعض المؤسسات الماليَّة ولعدد من المصارف، كما أنَّها قد تكون ناتجة من تلاعب متعمَّد بسعر الصرف عبر التطبيقات الإلكترونية التي لم تَعُد خَفيَّة على أحد. إلّا أنَّ عامل التحكّم بسعر الصرف عن بُعد، وإن كان مؤثراً، فهو لا يَختَصِر أسباب هذا الارتفاع كما يَزعَم مَصرِفُ لبنان. في الواقع، تتسبَّب الإدارة الارتجالية والسيِّئة للأزمة السياسيَّة والاقتصاديَّة في لبنان إلى زيادة كبيرة، مستمرَّة ومتزامنة في نسبة التضخُّم وفي معدَّل البطالة أو ما يُعرَف بـ Stagflation. في الوقت نفسه، يَشهَدُ الاقتصاد اللبناني نُموَّاً سالبًا خطيرًا Economic Depression مما يجعله أقرب الى الاقتصاد الافتراضي. وسط هذا الكَمّ من المشكلات وفي غياب حلول جدِّية قد تأخذ الأمور في لبنان منحىً اكثر خطورة مع ارتفاع الاسعار والفَقر والقَهر والذُّل.

أمَّا مِفتاح الحَلّ، فَيَكمُنُ في فكِّ الحَلقة المُفرَغَة التي يدور فيها البلد، عبر تأمين استقرار سياسيّ يدفع نحو استعادة الثِّقة المفقودة. فإن كان فقدان الثقة أحد أبرز أسباب الأزمة، فاستعادتها ستشكّل من دون أيِّ شَكّ أحد أبرز الحلول. المطلوب ليس فقط الوصول إلى اتِّفاقٍ مع صندوق النَّقد الدولي يؤمِّنُ فَرضَ إصلاحاتٍ يرفضها المُتفلِّتون، بل الالتزام بما سَيَتِمُّ الاتفاق عليه. فكيف لدولةٍ عاجزة عن إصدار بطاقة تمويليَّة وعَدَت بها شعبها قبل أي رفع للدعم، أن تلتزم بما ستتعهد به أمام صندوق النقد؟ لا بل، كيف لشعب يقتله حكَّامه أن يثق بقاتله مخلِّصًا؟ عمليًا، لا بُدَّ للحلّ أن يبدأ بإيجاد صيغةٍ تُمَهِّدُ لإعادة ترتيب العلاقات مع الدول العربيَّة، لتعود بعدها اجتماعات الحكومة الى الانتظام وإقرار خطَّة شامِلة من أجل التفاوض مع صندوق النَّقد على أساسِها. فالدور العربي في إعادة النهوض محوريّ، أساسيّ واستراتيجيّ، وهو دور لا تَجذُبهُ خُصوبَة الأرض الآنية، بل هويَّتها المُستَدامة! في الوقت الذي يُهَدِّدُ الموت والمرض حياة اللبنانيين، لا مكان للخلافات والمواقف والتَّعطيل. في لبنان اليوم أطفالٌ يدرسون وهم جائعون وشيبٌ يتمنونٌ موتاً بات قريباً، وشبابٌ يُغلِبُهُ اليأس … وحُكَّامٌ من أشباه البَشَر ولا بَشَر.

إنّ لبنان يسير بخطىً متسارعة نحو نقطة «اللاعودة»، حيث لا تنفع الحلول ولا ينفع الندم … فاستيقظوا يا من تحرقون الأمل في عيوننا لتشعلوا أنانياتكم القذرة! نعيش في زمنٍ يَبتَعِدُ فيه النَظَرُ عن لبنان وعن أوجاع شعبه…

فالعين في هذه الأيام ليست على بيروت بل على فيينا!


عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

أسعار المحروقات في لبنان، سعر البنزين اليوم في لبنان، سعر الديزل اليوم في لبنان، سعر الغاز اليوم في لبنان، سعر النفط في لبنان، أسعار الوقود في لبنان، التحديث اليومي لأسعار المحروقات في لبنان، سعر الوقود في لبنان اليوم، سعر البنزين في السوق السوداء في لبنان، سعر المحروقات في لبنان لحظة بلحظة، سعر لتر البنزين في لبنان، سعر لتر الديزل في لبنان، توقعات أسعار الوقود في لبنان، تحليل أسعار المحروقات في لبنان، سعر الغاز المسال في لبنان، سعر الكيروسين في لبنان، استقرار أسعار المحروقات في لبنان، أثر ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان، تقلبات أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في محطات البنزين في لبنان، أسعار المحروقات في السوق اللبنانية، شراء الوقود في لبنان، تأثير أسعار الوقود على الحياة اليومية في لبنان، أخبار أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في السوق اللبنانية اليوم، fuel prices in Lebanon، gasoline price today in Lebanon، diesel price today in Lebanon، gas price today in Lebanon، oil price in Lebanon، fuel cost in Lebanon، daily fuel price update in Lebanon، Lebanon fuel prices today، gasoline price in black market Lebanon، real-time fuel prices in Lebanon، price of gasoline per liter in Lebanon، price of diesel per liter in Lebanon، fuel price forecasts in Lebanon، fuel price analysis in Lebanon، LPG price in Lebanon، kerosene price in Lebanon، fuel price stability in Lebanon، impact of rising fuel prices in Lebanon، fuel price fluctuations in Lebanon، fuel prices at gas stations in Lebanon، fuel prices in the Lebanese market، buying fuel in Lebanon، impact of fuel prices on daily life in Lebanon، fuel price news in Lebanon، Lebanon fuel market prices today،أسعار المحروقات اليوم في لبنان, Fuel prices in Lebanon, سعر البنزين في لبنان, Gasoline price in Lebanon, سعر المازوت في لبنان, Diesel price in Lebanon, جدول أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel price update, سعر الغاز في لبنان, Gas price today in Lebanon, محطات الوقود في لبنان, Gas stations in Lebanon, توقعات أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel crisis, تأثير سعر الدولار على المحروقات في لبنان, Impact of dollar on fuel prices in Lebanon, أزمة الوقود في لبنان, Lebanon energy crisis, كلفة النقل في لبنان بسبب ارتفاع المحروقات, Rising fuel costs in Lebanon, كيفية توفير الوقود في لبنان, Saving fuel in Lebanon, السوق السوداء للمحروقات في لبنان, Lebanon black market fuel, استيراد المحروقات في لبنان, Fuel import in Lebanon, دعم الحكومة لأسعار المحروقات في لبنان, Fuel subsidies in Lebanon, ارتفاع أسعار الطاقة في لبنان, Oil price Lebanon, تأثير أزمة الطاقة على الاقتصاد اللبناني, Impact of energy crisis on Lebanese economy, كيفية ترشيد استهلاك المحروقات في لبنان, How to save fuel in Lebanon, أسعار الطاقة الشمسية في لبنان, Solar energy prices in Lebanon, محطات تعبئة الغاز في لبنان, Gas filling stations in Lebanon, توزيع المحروقات في لبنان, Fuel distribution in Lebanon, مواعيد صدور جدول أسعار المحروقات في لبنان, Fuel price schedule release dates in Lebanon, تأثير أزمة المحروقات على النقل العام في لبنان, Impact of fuel crisis on public transport in Lebanon, أسعار الوقود في بيروت, Fuel prices in Beirut, أزمة الكهرباء في لبنان, Electricity crisis in Lebanon, تأثير ارتفاع أسعار المحروقات على حياة اللبنانيين, Impact of rising fuel prices on Lebanese citizens, شحن الوقود إلى لبنان, Fuel shipment to Lebanon, استهلاك البنزين في لبنان, Gasoline consumption in Lebanon, مصادر استيراد المحروقات في لبنان, Sources of fuel imports in Lebanon, تسعير المحروقات في لبنان, Fuel pricing in Lebanon, أسعار الوقود المدعوم في لبنان, Subsidized fuel prices in Lebanon, خطة الحكومة لدعم المحروقات في لبنان, Government plan for fuel subsidies in Lebanon, طوابير المحطات في لبنان, Gas station queues in Lebanon, نفاد الوقود في لبنان, Fuel shortages in Lebanon, الاعتماد على المولدات في لبنان بسبب نقص المحروقات, Dependence on generators in Lebanon due to fuel shortages

أسعار المحروقات اليوم ↑↓

أسعار المحروقات في لبنان اليوم أو اضغط هنا لرؤية التسعيرة المستجدة للمحروقات لحظة بلحظة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *