هل تحاصرك مقاطع الفيديو المسلية الخاصة بالطعام عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، ثم تستسلم لمشاهدتها واحدا تلو الآخر، سواء كانت مقاطع طهي أو تناول طعام أو تحديات ذات صلة؟
اطمئن، لست وحدك، فأنت واحد ضمن الملايين الذين يغذون هذا القطاع من المشاهدات التي تنمو بنسبة 280% سنويا، وهو جمهور مخلص لهذا النوع من الفيديوهات وعاطفي ويتفاعل معها للغاية، بالتعليق أو المشاهدة المتكررة أو المشاركة مع الأصدقاء.
كما أن محتوى الطعام والوصفات زاد بنسبة 59% بين عامي 2013- 2014، ومن ثم تتضاعف بنسب مذهلة سنويا، وارتفعت المشاركة الاجتماعية (مثل الإعجابات والتعليقات والمشاركات) على قنوات الطعام بنسبة 118%.
بحسب موقع “ثِنك وذ غوغل” (Think with google)، فإن أمهات جيل الألفية يعتبرن طاهيات واثقات من أنفسهن يحببن الطعام، ويبحثن عن إلهام إبداعي لإحداث تغييرات جديدة في وصفات الأسرة؛ إذ إن 68% منهن يشترين منتجات غذائية واردة في مقاطع الفيديو التي يشاهدنها و69.5% من هؤلاء الأمهات يشاهدن مقاطع فيديو للطعام كل أسبوع، و68% منهن يشاهدن أيضًا مقاطع فيديو في أثناء الطهي.
أما الآباء من جيل الألفية، فإنهم يطبخون في كثير من الأحيان مثل الأمهات، وهم الأكثر تفاعلًا مع محتوى الطعام على يوتيوب، ويشاهدون مقاطع الفيديو لإثارة الإلهام وإعداد وجبات الطعام. إنهم فخورون بدورهم كطباخين للعائلة، ويستلهمون تقنيات ومنتجات وأفكار الطعام الجديدة عبر نهج يعتمد على الأسلوب في تناول الطعام. كما يميل الآباء من جيل الألفية إلى التفكير في “الكيفية” بدلاً من “الوصفة”، و42% منهم يذهبون إلى المتجر لشراء المنتجات التي يتعرفون عليها في مقاطع الفيديو الخاصة بالطعام.
الرجال من جيل الألفية واثقون من أنفسهم في المطبخ (وصف 68% أنفسهم بأنهم “طباخون واثقون” أكثر بمرتين من نظرائهم من الإناث من جيل الألفية) وتركز هذه المجموعة على صقل خبراتها في الطهي. ويشاهد 69% من الرجال من جيل الألفية محتوى طعام مرتبطا بعلامة تجارية واسم طاهٍ معروف مثل جيمي أوليفر.
سيكولوجية المشاهدين
مع ظهور مقاطع “تيستي” (Tasty) البسيطة للغاية التي تعرض وصفات طعام شهية بمكونات محدودة وسريعة الإنجاز في فيديو مدته 15 ثانية -التي تناسب مدة عرض الفيديو في إنستغرام في وقت سابق- وتتوافق أيضا مع خاصية العرض التلقائي للفيديو على فيسبوك بدون النقر على الفيديو، توقف الزمن لدى الكثيرين الذين أصبحوا يتابعون مقاطع الطعام حد الإدمان، بهدف التسلية وتهدئة الأعصاب والابتعاد عن أي صراعات ومعارك كلامية في الواقع أو عبر مواقع التواصل، بات الطعام العنصر الأكثر أمانا وحيادية لدى الجميع.
ولكن هناك ما وراء ذلك أكثر مما تعتقد. سيظل الطعام دائمًا منتجًا قابلاً للتسويق، حيث سيظل الجميع بحاجة إلى الطعام، سيستمر أيضًا في كونه شيئًا يمكن للناس الاتصال به والترابط معه، مما يؤدي بالعديد من الأشخاص إلى الإعجاب بأصدقائهم ومشاركتهم والإشارة إليهم في مقاطع الفيديو هذه.
الجوع البصري
هناك فكرة تقول إننا “نأكل بأعيننا”، فنظرًا لأن الدماغ والنظام البصري مرتبطان ارتباطًا وثيقًا، فإن النظر إلى الصور الجميلة للطعام يزيد من رغبة الإنسان في إشباع الجوع، إذ يربط الكثير من الناس الطعام بالمتعة بشكل طبيعي، لذلك يجلب لهم الشعور بالسعادة عند الاستمتاع بتناول الطعام بأنفسهم أو حتى متابعة غيرهم عند تناولهم وجبات شهية بكميات كبيرة بشكل غير مباشر عبر مشاهدة “ماكبنجرز” (Mukbangers) وهم فئة من صانعي المحتوى الذين ينتجون مقاطع فيديو تعتمد على تناول كميات ضخمة من الطعام أمام الجمهور، ومن شأنها خفض مستوى توتر المشاهد مع تحسين الحالة المزاجية وتدفق الدم، حتى لو صاحب ذلك تناول الطعام بصوت واضح على طريقة “إيه إس إم آر” (ASMR).
العلم يحذر
أجرت ليزي بوب، الأستاذة المساعدة للتغذية وعلوم الغذاء بجامعة فيرمونت، دراسة لمعرفة إذا ما كان يمكنها العثور على علاقة بين صحة الأشخاص وأنواع الوسائط التي يشاهدونها.
وفي حين أن الدراسة أخذت في الحسبان عددًا من المصادر الإعلامية من بينها يوتيوب، وجدت بوب أن عروض الطهي فقط هي التي يمكن ربطها بمؤشر كتلة الجسم الأعلى، وقد يثبت هذا فقط أن الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن هم أكثر عرضة لمشاهدة عروض الطهي.
(الجزيرة)
المصدر: أ.ف.ب – الجزيرة