فتحت مواقف رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الاحد، سيما في شقّها المتعلق بضرورة استبدال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الباب على تساؤلات كبيرة و”مشروعة”، حول خلفيات هذه المطالبة وابعادها.
فمن حيث التوقيت، تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، إن لا مبرر “حقيقيا” لاثارة القضية. صحيح ان الدولار يحلّق، لكن العملة الخضراء سجّلت في الاسابيع والاشهر الماضية قفزات كبيرة، ولم يُصَر في وقتها الى المطالبة باقالة “الحاكم”، جديا، وبقوة وبوضوح، كما جاء على لسان رئيس الفريق “البرتقالي” نهاية الاسبوع الماضي. كما ان الحديث عن دعاوى قضائية في حق حاكم “المركزي” في الخارج، ايضا، غير جديد، بل هو يتردد منذ اشهر… حتى انه وطوال الفترة السابقة، كان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يجتمع بالمباشر ودوريا، مع سلامة ويلتقيه في القصر، عند كل استحقاق “معيشي” سيما في ملفات رفع الدعم عن المحروقات والدواء وسواها من المواد التي يدعمها “المركزي”.
فـ”شو عدا ما بدا” حتى قرر النائب باسيل التصعيد في ملف سلامة الآن والمطالبة بإقالته؟ تسأل المصادر. في رأيها، يبدو ان ما طرحه رئيس تكتل لبنان القوي يندرج في سياق “بازار” المخارج التي يتم بحثها في الكواليس لايجاد حل للازمة الحكومية.
ففي ظل المساعي الجارية لفك أسر مجلس الوزراء، من الضروري معالجة الاسباب المباشرة التي دفعت “حزبَ الله” الى تعطيله، اي غضبَه من المحقق العدلي في جريمة انفجار المرفأ القاضي طارق البيطار. غير ان الضاحية لم تعد توجّه سهامها نحو الاخير فحسب، بل قررت بعد أن أغاظها صمودُ الصرح القضائي في وجه حملاتها وتهويلها، توسيعَ مروحة “المغضوب” عليهم في القضية، فباتت تصوّب عبر إعلامها ومسؤوليها، على رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي سهيل عبود ايضا، معتبرة انه ينفّذ اجندة خارجية وأنه يخالف القوانين والاصول في سبيل “حماية” البيطار.
عليه، تتابع المصادر، يمكن القول ان احدى الوسائل القادرة على إنعاش الحكومة، تتمثّل في الذهاب نحو تعيينات جديدة في الجسم القضائي. فإذا تم التخلّص من عبود، تمّت تعرية البيطار، وباتت عملية “قبعه” أسهل، ورَضيَ “الثنائي الشيعي”. انطلاقا من هنا، تسأل المصادر هل يحاول باسيل الاستفادة من هذا المعطى ليطرح في المقابل، الاطاحة بسلامة، طالبا من رئيس مجلس النواب نبيه بري، المعروف باحتضانه “للحاكم”، الموافقةَ على هذا التعديل، فيسلكَ “الديل” وتُحرّر الحكومة.
واذا تمت “الصفقة” هذه، تتابع المصادر، يسهل تبرير طرح التعيينات القضائية في مجلس الوزراء، خاصة بعد اعلان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، رفضهما اي تدخّل في ملف تحقيقات المرفأ. اي ان عملية تطيير عبود والبيطار سـ”تُغطّى” بتطيير سلامة ايضا، في “مقايضة” تُرضي الفريقَ الرئاسي الذي يرى فيها مكسبا شعبيا عشية الانتخابات النيابية. كما انه وبتكبير سلّة المستهدفين بالتعيينات، وبعدم حصرها في الشق القضائي، يُراد للحكومة ان تظهر وكأنها تقوم بإحدى صلاحياتها، لا أنها تطيح قضاةً لأغراض “سياسية” فئوية..
فهل تبصر هذه “التسوية” النور؟ وما الذي يمنع ان تُوسَّع مروحتها لتشمل قائدَ الجيش العماد جوزف عون في ظل الفتور بينه ورئيس التيار وتخوينِه المستمر من قِبل حزب الله وأَقلام “الممانعة”؟!
المصدر : المركزية